كمال حبيب

الإخوان ومجتمع ما بعد الثورة

السبت، 02 يونيو 2012 04:13 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
المجتمع المصرى بعد الثورة يحاول أن يكتشف نفسه ويتعرف على ذاته باعتباره خرج من طوق الطفولة المستبدة إلى الحرية المسؤولة الواعية، لعل هذا يفيدنا كمتخصصين فى العلوم الاجتماعية لأنه يساعدنا فى التعرف على الأوزان الحقيقية لاتجاهات المجتمع وآرائه التى لم يكن سهلا التعرف عليها فى ظل النظام البائد.. تعاطف المجتمع المصرى مع الإخوان فى مواجهة نظام مبارك، وأحسن الإخوان أداءهم كقوة معارضة مظلومة مطاردة، أما بعد الثورة فإن المجتمع المصرى منح الإسلاميين فرصة مشروطة ليجربوا الانتقال من الإسلام المعارض إلى الإسلام المشارك فى الحكم والسلطة.
استطاع الإخوان والسلفيون فى الانتخابات البرلمانية أن يحصلوا على أصوات %70 من المجتمع المصرى، وتهمش فى تلك الانتخابات قوى الشباب الثورية التى لم تكن منظمة، كما تهمشت قوى الفلول المضادة للثورة والتى لم تكن قد أفاقت بعد من آثار مطرقة الثورة التى أزاحت من المشهد السياسى الرئيس المخلوع، ومن ثم لم تكن الانتخابات البرلمانية تعبيرا عن توجهات الرأى العام المصرى الجديد بعد الثورة.
فى الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية عبر الشباب الثورى عن نفسه بشكل رئيسى فى القوة التى منحت حمدين صباحى أصواتها وبالطبع فى القوة التى منحت عبدالمنعم أبوالفتوح، وكانت النسبة التى حصل عليها المرشحان معا تعبيرا عن قوى جديدة تبحث عن خيارات مختلفة عن الإخوان وعن النظام القديم، كما أن نسبة التصويت فى الانتخابات الرئاسية أقل بكثير من المشاركة فى الانتخابات البرلمانية، وهو ما يعنى أن قوى فى المجتمع لم تكن مطمئنة للأسس التى انطلقت منها فلسفة الانتخابات فى ظل العسكر، وفى ظل قواعد تم وضعها من قوى الدولة المصرية التقليدية ولم يستطع الثوار والقوى الاجتماعية والسياسية المختلفة أن يشاركوا فى صنعها. النسبة التى حصل عليها الإخوان المسلمون وفلول النظام السابق تكاد تكون متقاربة، وهو ما مثل أحد المآزق الكبرى لجولة الإعادة فى الانتخابات الرئاسية، فالإخوان المسلمون يواجهون لحظة من لحظات الحقيقة وهى تتحدث إلى مجتمع ما بعد الثورة، وهو مجتمع مختلف متحرر من الاستبداد ويريد أن يعبر عن نفسه وأن يكون له مكان راسخ فى النظام السياسى الجديد. يطالب المجتمع الإخوان بطمأنات خاصة تلك القوى المتخوفة منهم، كالأقباط والقوى الليبرالية وقوى تخاف على نظام حياتها ولقمة عيشها مثل العاملين فى السياحة، والقوى المهمشة كالفلاحين والفئات الفقيرة فى المناطق العشوائية والشباب الذى لا يجد فرصة عمل، وهؤلاء يريدون تعهدات واضحة وربما مكتوبة من قبل الإخوان.
فى التحليل النهائى الإخوان قوة وطنية يحول تنظيمها الخاص عن تلاحمها مع بقية القوى السياسية الأخرى، وهو ما قد يطرح تساؤلات حول تأثير وثقل التنظيم على قرارات الإخوان، وتغليب مصلحة التنظيم على مصالح الوطن، ومن ثم فإن الخطاب الإخوانى يحتاج إلى خطوات أكثر جرأة فى الإجابة عن تساؤلات القوى السياسية المتحيرة والمترددة والخائفة، وأن يكون هذا الخطاب فى وقته وليس متأخرا. وعلى الجانب الآخر فإن القوى الاجتماعية الأخرى التى تريد طمأنات عليها أن تمنح الفرصة للإخوان فى أن يتقدموا خطوة نحو مجتمعاتهم والانتقال من التنظيم الإخوانى إلى الجماعة الوطنية الشاملة، يجب على تلك القوى أن تفتح الباب واسعا للإخوان أن يخرجوا من ضيق التنظيم لسعة الجماعة الوطنية، وأن يجعلوا مشروع الإخوان هو مشروع الوطن كله، لا نريد وطنا يتمدد فيه الإخوان وإنما نريد جماعة تتلاحم مع مجتمعها وتكون جزءا مشاركا فيه لا قوة مهيمنة عليه.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة