حتى لو كانت هناك أسباب للتشاؤم هناك علامات للتفاؤل. بعد 17 شهراً فقط أطاح المصريون برئيس ظل 30 عاماً يصر على البقاء وينوى توريث الحكم لابنه، واليوم يصدر قاضى الجنايات أحمد رفعت حكمه على مبارك فى قضية قتل المتظاهرين، محاكمة كان الشعب يتمنى أن تكون محاكمة سياسية لمبارك وعصره ونظامه، ليتعرف فيها المصريون على مفاتيح الحكم وكيف كان الفساد والتزوير يجرى.
وأياً كان الحكم، فقد يكون نهاية لفصل جديد، وبداية لفصل آخر من الصراع والعنف.
مجرد وقوف مبارك أو نومه أمام المحكمة، درس يتعلمه كل من يأتى إلى الرئاسة، وهو درس ينفى إمكانية عودة نظام مبارك، بفساده وتسلطه. يضاف إلى ذلك أنه فى نفس الشهر الذى يصدر فيه الحكم على مبارك، يتوجه المصريون لاختيار رئيس جديد بالانتخاب منذ آلاف السنين، ربما لا تكون النتائج مرضية تماماً، لكنها قد تكون بداية تحتاج للمزيد من الجهد والعمل لبناء نظام يمنع إعادة مبارك، ليس بشخصه، ولكن بطريقة تفكيره، وفساده وتسلطه، وألا تكون الدولة مرهونة لفرد أو تيار أو حزب، بل لكل الشعب.
هؤلاء الخائفين من نتائج انتخابات الرئاسة، ومنهم من يرفض شفيق أو مرسى، معهم الخائفون من الفوضى والانفلات ومن الفقر والمرض، ومن يأملون فى تغيير حقيقى للديمقراطية، وهى ليست غاية، لكنها وسيلة لاختيار من يمكنه إدارة البلاد، وتنظيم توزيع السلطة والثروة، وتكافؤ الفرص، وقبلها توفير العلاج والتعليم والمسكن.
لقد أخطأت كل التيارات عندما انشغلت بغنائم السلطة، عن بقايا التسلط، وحرص كل فريق على أن يفوز بالمقاعد، حتى لو كانت خالية من السلطة.
فشلت ائتلافات وتيارات الثورة فى التنسيق، وعجزت الأغلبية عن التوافق، وتشعر الكتل العائمة من الأغلبية، أن السياسيين يسعون جميعاً، للسلطة.. هؤلاء لا يرون فى الانتخابات أو نتائجها أى تأثير عليهم، ومازالوا موضوعاً للضغوط والبيع والشراء، ويشاهدون مليارات تنفق على الحملات الانتخابية، لا ينوبهم منها شيئا.
هناك فجوة بين من يرون أن المسار السياسى يمكن أن يقود للتغيير، ومن يرفضون المسار السياسى ويطالبون بمسار أسرع وأكثر جذرية، وبين هؤلاء من يستمرون فى المعاناة، من الفقر والمرض، ويحتاجون إلى دليل على أن هناك أملا فى المستقبل، بعيداً عن صراعات السياسة ولعبة الكراسى.
لا توجد ديمقراطية جاهزة، يمكن استيرادها وزرعها من بلد لآخر، بل هناك تجارب تفصلها الشعوب، من خلال بناء منظمات وأحزاب سياسية يمكنها أن تنشر الوعى، خاصة أننا أصبحنا أمام جمعية عمومية تأخذ شكلها ظهرت فى انتخابات الرئاسة، ولم تعد الكتل التصويتية مضمونة للتيارات المنظمة، أو للمال. ملايين منحت أصواتها لمرشحى التغيير، تؤكد انتهاء عصر الحشد والتقفيل.
نحن فى حاجة لديمقراطية نصنعها بأنفسنا، ولا ننتظر آخرين يصنعونها.. ديمقراطية تفصيل.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود
الطبع يغلب التطبع
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد برهامى سلفى معتدل
اقسم بالله العظيم انى بعد تفكير و تحليل اخترت اخف الضرر و هو شفيق .....
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد المصرى الاصيل
هل نسلم مصر بكاملها للاخوان ؟