بصرف النظر عما يجرى الآن من صراع سياسى. علينا أن نتوقع أن يستمر شهور أو أعوام. فكل هذا فى جولة واحدة، رأينا خلال عام ونصف كيف تقلبت المواقف، وتكونت التحالفات وتفككت. هناك مؤشرات وظواهر يجب قراءتها بعيداً عن القوالب الجامدة. التحالفات التى تنتجها اللحظة بين الإخوان والتيارات السياسية من اليمين واليسار ليست نهائية، لكنها تحالفات تفرضها اللحظة، واستمرارها أو انتهاؤها يحدده المستقبل القريب. ونفس الأمر بالنسبة لتحالفات المجلس العسكرى، ومن الصعب توقع شكل السياسة مع الرئيس الجديد.
بعض السياسيين والمتحدثين باسم الأحزاب والتيارات والائتلافات يتمسكون بنظرة مسبقة إلى كل الأمور، وبالرغم من أن بعضهم يتحدث عن الموضوعية والديمقراطية والخلاف فى الرأى، لكنهم عند أول خلاف فى الرأى، يتركون الموضوعية جانباً، ويحولون الخلاف فى الرأى إلى خصومة. ولا يحتفظون ولو لساعات بما ينادون به. وفى ظل الاستقطاب السياسى من الصعب استكشاف الموضوعية لدى أى طرف بل الانحياز يكون سيد الأدلة.
الانقسام يأتى من النخبة التى تتحدث كثيرا عن التوافق، لكن تفرقها المصالح، حيث لا يمكن للسياسيين إخفاء انحيازاتهم إلى هذا الطرف أو ذاك. بينما الرأى العام مهما كان الزحام حوله أصبح قادراً على التساؤل والتشكيك حتى فى هؤلاء الذين يمثلون نجوم المرحلة. بعد شهور من الجدل والمعارك أسقطت الهيبة عن كثيرين من ممثلى القوى السياسية، فلم يصبح كلامهم مصدقاً بل إن هناك من يرى أن تقلباتهم مع هذا التيار أو ذاك نوع من الانتهازية. فضلاً عن اتهامهم بالمسؤولية عن الحيرة.
نجوم المرحلة من السياسيين أو محدثى السياسة الذين جاءوا من عالم الثقافة أو الإعلام من دون سوابق سياسية، لم يقدموا طوال الشهور الماضية ما يشير إلى قدرتهم على القراءة للواقع، وكثير من توقعاتهم وتحليلاتهم لم تكن حقيقية، وناهيك عن أن هناك حالة من الزحام خلال الشهور الأولى جعلت من الصعب التفرقة بين مناصرى الثورة ومن يريدون التربح منها. هناك من تحالف مع المجلس العسكرى فى مواجهة الثورة، ثم عاد ليتحالف مع الإخوان، والعكس بالعكس. فالذين أيدوا الإعلان الدستورى وقسموا الناس حوله، وحولوه إلى خلاف عقائدى، هم أنفسهم الذين اعترضوا عليه واعتبروها نوعا من التسلط، وبعض الذين عارضوا الإعلان الدستورى فى مارس عادوا ليؤيدوه.
وتحولت الخلافات إلى حروب من الصعب معرفة من فيها مع من وضد من، فالحلفاء السابقون أصبحوا خصوماً، والخصوم تقاربوا. وخلال هذا الانقسام استخدم كل طرف كل أسلحته لاتهام الطرف الآخر. وأصبحنا أمام تسلط متبادل، وكل طرف يرفع شعار «معنا أم علينا». ولم يتوقف الهجوم عند المرشحين، بل تجاوزه إلى تصنيف الناس إلى فلول وخونة وكفرة وأعداء الثورة والوطن وانتهازيين وفاسدين وطماعين، وهى أوصاف تنطبق على السياسيين، لكنها لا تنطبق على شعب حيروه فى صراع بين الماضى، لم يظهر أى جديد بعد.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
وائل شفيق
تسقط الثورة الغبية التي تسقط ديكتاتورا و ترفع ديكتاتورا آخر ..