طرح هذا السؤال لا يعنى «من جانبى على الأقل» تبرير قانون الضبط القضائى ولا الإعلان الدستورى المكمل، ولكنه سؤال خطر بذهنى وأحببت أن يشترك فيه معى كل من يريد، فمما لا شك فيه «وبدون أى سذاجة» أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة كان يعرف نتيجة الانتخابات الرئاسية قبل أن تحدث، ويعرف أيضا أن مقدرة المزورين على تزوير نتيجة الانتخابات باتت شبه معدومة بعد الثورة لاسيما أن المجلس العسكرى لن يضيف لنفسه اتهاما بالتزوير، بالإضافة للاتهامات التى طالته بقتل المتظاهرين فى ماسبيرو ومحمد محمود الأولى والثانية ومجلس الوزراء والعباسية، وبناء عليه يكون حل مجلس الشعب قد جاء لإحداث التوازن وحتى لا تتجمع السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية فى قبضة الإخوان المسلمين، ولا شك أن المجلس كان يعرف بنجاح الدكتور مرسى بمجرد فرز الأصوات فى جميع اللجان الفرعية والعامة، وربما يكون المجلس فى هذه الحال قد استرجع تجربة الأيام الأولى لثورة 25 يناير المجيدة لاسيما هجوم الفلول وبلطجية أمن الدولة والداخلية والحزب الساقط المنحل فى موقعة الجمل، هذه التجربة المريرة التى وعاها المجلس العسكرى والتى أدت إلى وضع المسؤولين عنها فى السجن، وبالتالى لو تكرر حدوثها فى حكم المجلس العسكرى فسوف يجعل «على الأقل» مسألة الخروج الآمن ضربا من ضروب الخيال المستحيل، وتوقع حدوث هجوم من الفلول وبلطجية أمن الدولة والداخلية والحزب الساقط المنحل أمر جائز الحدوث بكل قوة بعد تأكدهم من انتهاء عصر المخلوع تماما وانتهاء أى احتمالات لعودتهم بعد فشل ممثلهم فى دخول القصر الجمهورى الذى كانوا يمنون أنفسهم به، وهنا وجد المجلس العسكرى نفسه أمام إمكانية حدوث موقعة الجمل الثانية انتقاما من الثورة أو محاولة مستميتة منهم للانقضاض على الثوار مرة أخرى لتوصيل مندوبهم إلى القصر الجمهورى حيث يستعيدون حكمهم الفاسد، ومن هنا بدأ المجلس العسكرى فى اتخاذ خطة حربية «بالمعنى الحرفى للكلمة» لإفساد أية محاولة لهجوم الفلول وبلطجية أمن الدولة والداخلية والحزب الساقط المنحل، فأصدر قانون الضبطية القضائية للشرطة العسكرية والمخابرات العامة، ولأن المجلس العسكرى كان متأكدا من نجاح محمد مرسى، فقد كان متأكدا من أن الخطر لن يأتى من الثوار، بل إن الخطر سوف يكون من الفلول وبلطجية أمن الدولة والداخلية والحزب الساقط المنحل، وبالتالى فإن هؤلاء هم من كان يقصدهم المجلس العسكرى، واستكمالا للخطة الحربية فى «تنييم» الفلول وبلطجية أمن الدولة والداخلية والحزب الساقط المنحل فقد أجل ظهور نتيجة الانتخابات إلى حين إتمام الاستعدادات بنزول المدرعات والجنود، وقام بتسريب طمأنة كاملة للفلول بأن «شفيق» هو الرئيس القادم واستخدم فى تسريب هذا بعض الصحفيين والسياسيين لـ«تنييم» الفلول ريثما يستعد، فهل استفاد المجلس العسكرى من تجاربه مع الثورة وتحديدا من موقعة الجمل؟ وكذلك حدث قبل ظهور نتيجة الانتخابات الرئاسية الأخيرة بأسبوع أن أدلى رئيس سابق لمكتب الرئيس المخلوع للمعلومات بتصريح مفاده بأنه يخشى من أن يقوم الدكتور محمد مرسى بتسليم معلومات سرية جدا إلى التنظيم الدولى للإخوان المسلمين، وربما تكون هذه التخوفات ناتجة عن تجارب شخصية لرئيسه المخلوع فى تسليم معلومات «سرى للغاية» لجهات خارجية وليس بالضرورة أن يكون الدكتور مرسى على شاكلته لاسيما أنه سوف يقطع صلته بجماعته «الإخوان المسلمين» وبالتالى فإنه ليس ملزما تنظيميا بتسليم أية معلومات سرية أو غير سرية لتنظيم جماعة الإخوان المسلمين الدولى أو المحلى ولأن حكم الأوطان لا يكون بالنوايا الحسنة فقط، بل بالإجراءات العملية فى الواقع، كما أن الأوطان المتحضرة تحكم بدساتير محترمة يتم التوافق عليها من كل أفراد الشعب، ولذلك فإن تحديد مسؤوليات وصلاحيات رئيس الجمهورية لابد أن ينص عليها فى الدستور، وهذا القول من تحصيل الحاصل، لكن ما يجب النص عليه بكل وضوح فى الدستور القادم هى المادة «أو المواد» الخاصة بمحاكمة رئيس الجمهورية، والتى يجب أن تستقل بذاتها عن المادة «أو المواد» الخاصة بمحاكمة الوزراء، ومن المتبع دائما فى تنصيب رئيس جمهورية مصر العربية أن يقف الرئيس الجديد أمام مجلس الشعب ليقسم: «أُقسم بالله العظيم أن أُحافظ مُخلِصا على النظام الجمهورى، وأن أحترِم الدستور والقانون، وأن أرعى مصالح الشعب رِعاية كاملة، وأن أُحافظ على استقلال الوطن وسلامة أراضيه»، وباستقراء عبارات القسم يتبين أنها تشكل أربعة التزامات أساسية، واجبة التنفيذ وهى: المحافظة «بإخلاص» على النظام الجمهورى - احترام الدستور والقانون - رعاية مصالح الشعب رعاية كاملة - المحافظة على استقلال الوطن وسلامة أراضيه، ولعله من الواضح أن القَسم بالله العظيم متكرر فى الالتزامات الأربعة: «أُقسِم بالله العظيم أن.. وأن.. وأن.. وأن» وهذه الالتزامات هى حالة قانونية يلتزِم بمقتضاها بنقل حقوق معينة أو القيام بأعمال معينة أو الامتناع عن القيام بأعمال معينة ومنها بالطبع عدم تسليم أية معلومات تضر بأمن الوطن لأى أحد سواء فى الخارج أو فى الداخل، وينطبق هذا على كل أعضاء مؤسسة الرئاسة فى حال إنشائها، ومن هنا تجىء أهمية النص فى الدستور على كيفية محاكمة الرئيس، بالإضافة طبعا لتحديد سلطاته بعد أن خلع عن المخلوع كل سلطاته التى تسلطن بها على رقبة الوطن واليوم، اليوم فقط، ينزع عنك الوطن كل نياشينك ويجردك الوطن من كل رتبك العسكرية ويلقى بك فى سجن المجرمين القتلة واللصوص والطغاة، هل أشمت فيك اليوم؟ نعم أشمت فيك اليوم قبل أن تموت فلا شماتة فى الموت، اليوم تذهب للنهاية مكللا بالعار، اليوم فقط تخرج من القصر الجمهورى مشيعا بكل اللعنات التى تستحقها، اليوم فقط تخرج من حياتنا للأبد.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
علاء سرور
ببساطة
عدد الردود 0
بواسطة:
محامى شرقاوى
سلملى على المترو
عدد الردود 0
بواسطة:
جمال ريحان
الاسفاف....والبلاهة
عدد الردود 0
بواسطة:
السيد الشرقاوي
ارادة شعب