الإخوان... والثورة

حلفاء الأمس تصارعوا على السلطة اليوم، وسيقتسمونها غداً، هذا هو الحال بعد وصول «محمد مرسى» مرشّح الإخوان المسلمين للرئاسة بغير أية صلاحيات تذكر بعد أن استولى العسكر-حلفاؤهم السابقون- على كل السلطات تقريباً بالقوة الجبرية وتحت تهديد السلاح، فى معركة «قص الريش التى مارسها ضدهم المجلس العسكرى لاقتسام غنيمة الثورة بعد أن كانوا بالأمس القريب حليفين يشاركان فى قتل الثورة وتصفيتها، بكل ما أوتوا من قوّة ومال.. وتنظيم.

صحيح أننا استلمنا بالأمس القريب جثّة الثورة بإعلان نجاح مرسى رئيساً، وصحيح أيضاً أنها لم تكن ستجد لها من يستلمها إن نجح شفيق، لكن الحقيقة أنها ماتت فى الحالتين، فعلى الرغم من أن خسارة شفيق فى الانتخابات الرئاسية منبع سعادة فى وقت قلّما يجد المرء فيه ما يسعده، لكن وصول «مرسى» والإخوان إلى كرسى الرئاسة كان منبع حزن أشدّ على المرء من أى شىء آخر، فالثورة التى تخيّر بين واحد قتلها بيديه هو ورجاله وحاشيته، أو بين واحد شارك فى قتلها بخيانته وتواطئه هو ورجاله وجماعته لا ينتظر منها أن تفرح فى حالة وصول أى منهما فى كل الحالات.

الإخوان المسلمون منذ أن جلسوا مع «سليمان» وقت أن رفع الميدان شعار «لا تفاوض قبل الرحيل» ثم عندما قادوا شبابهم لفضّ الميدان وابتكروا شعار «الشعب يريد إخلاء الميدان» فى الوقت الذى كان يهتف فيه شباب الثورة «يسقط حكم العسكر» لأول مرة ليلة تنحى مبارك، هم أنفسهم الذين قادوا معسكر الخيانة الأكثر وضوحاً فى معركة الاستفتاء على الإعلان الدستورى، ومن بعده موقفهم من أحداث محمد محمود الذى أصدروا بياناً رسمياً يتهمون فيه القوى الثورية بالخيانة والعمل لصالح أجندات خارجية وتلقى تمويلات من أعداء لمصر، ومروراً بمواقفهم المتخاذلة - أو ربما الخائنة - جمعة حرائر مصر وأحداث ماسبيرو ومجلس الوزراء وغير ذلك من البؤر الثورية المهمة التى أوصلتهم إلى ما وصلوا إليه اليوم، منذ الموقف الأول للإخوان فى هذه الثورة وقت الدعوة إليها ونحن نعرف أن لهم طريقهم وللثورة طريقا آخر، وأنهم لم ينزلوا للميدان إلا لامتطاء الثورة والعبور بها آمنين إلى حيث تسكن السلطة، وقد فعلوا.

أمّا نحن الآن، فإما أن نعود لنخلق موجة ثورية جديدة تطيح بنظام مبارك وعسكره، والإخوان، أو نبكى على خيبة رجائنا، ونقتل أنفسنا ذلكم خيرٌ لنا وأطهر لنفوسنا.
«المجد للشهداء...النصر للشعب»