النسيان نعمة عظيمة فى البلاء ولكن الاعتياد عليه هو البلاء نفسه.. لذلك لا تصدق كل من يقول «يا عم انسى وتعالى نفتح صفحة جديدة» لأنه يتكلم عن حياتك وليس عن كشكول مسطر، وعلى افتراض أنك كشكول فلا يصح أن تكون مقطعا، فعلى الأقل حافظ على الصفحات القديمة ولو من باب العبرة أو المذاكرة.. ولو فتحنا أى صفحة فى أى باب فى تاريخ علاقة الشعب المصرى بالإخوان أو بالحزب الوطنى فستكتشف أن «ما انيل من العمدة غير شيخ البلد» وأن تجمعات المصالح لا تختلف مهما اختلفت الشعارات وأن كلام الانتخابات مدهون بالزبدة والحقيقة مدهونة بالزفت فتمهل قبل أن تنقاد لأحدهما لأن كليهما مر، فإذا كنا مجبرين على الاختيار بينهما فلا يجب أن يكون الاختيار مبنيا للمجهول وعلى كلام معسول وبحور طحينة بل على تنازلات وتضحيات حقيقية علها تعيد لنا بعض الثقة.. فإذا كان علينا أن نختار الفريق شفيق فعليه أن يضحى بالحزب الوطنى وأن يتخلص أولا من كل الحرامية الذين تسودوا الحزب ومازالوا يمولونه وأن يكشف عن كوادر الحزب الفاسدة فى كافة المجالات والتخصصات والمناصب وأن يتعهد بمحاكمات ثورية تليق بعذاب هذا الشعب لثلاثين عاما على أن تكون تلك العهود مكتوبة ومنصوصا عليها قبل استلامه للحكم، وأن يخرج علينا بقوانين مضمونة لمحاكمة شلته القديمة بداية بالرئيس المخلوع ومرورا على كل أصدقاء الماضى الأسود.. أما أن يعودوا إلينا وعلى رأسهم أكاليل الغار فهذا ليس نسيانا للماضى وتكبير دماغ بل إهانة للحاضر وتحقيرا للتضحيات العظيمة التى بذلها هذا الشعب للوصول إلى هذه اللحظة.. فهل يستطيع مرشح الحزب الوطنى أن يبيع حزبه ويشترينا؟؟.. وبالمثل هل يمكن أن يضحى الدكتور مرسى بالإخوان وأن يتم حل جماعة الإخوان المسلمين والاكتفاء بحزب الحرية والعدالة كواجهة سياسية مقبولة ومفهومة بدلا من الدخول فى «لوغاريتمات» المرشد العام والمرشد الأعلى والجهاد وهذه الصبغة الدينية السياسية التى تتلون تبعا لاختلاف الموقف والتعامل مع النص.. هل يمكن أن يخرج الإخوان من جماعتهم الصغيرة وينضموا إلى شعبهم الكبير أم علينا أن ننضم جميعا إليهم مسلمين ومسيحيين وأن نعيش تحت هذا الرداء الغامض المبهم لفكر الإخوان وتراثهم الحافل بالاستهانة بهذا الشعب واستغلاله كالقطيع واللعب السياسى عليه باسم الدين.. فهل يستطيع مرشح الإخوان أن يبيع شلته القديمة ليشترينا؟.. لذلك لا تصدق من يقول لك «احنا ولاد بكرة» وقل له «لا يا عم احنا ولاد امبارح» وطالبه بتخليص الحساب القديم ودفع ثمن خطاياه فى نهش الوطن.. فإذا كنا مرغمين على الاختيار بين الطاعون والكوليرا فعليهم أولا أن يضمنوا لنا التطعيم وأن نتأكد من حصولنا على دواء ولكن أن يستغلوا فينا اعتياد النسيان ويضحكوا علينا بشعارات الحرية والمدنية أو الثورة والإسلام فهذا فى حكم السياسة خداع وفى حكم الشعوب غباء حتى لو كنا جميعا مصابين «بالزهايمر».