كريم عبد السلام

تطهير الإعلام

السبت، 30 يونيو 2012 01:14 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تسمعون هذه العبارة المغرضة كثيرا وستسمعونها أكثر خلال الفترة المقبلة، لا لشىء إلا لأن وسائل الإعلام أصبحت شوكة فى حلوق وظهور من يريدون صبغ البلد بلون واحد على غرار الاتحاد الاشتراكى أو الحزب الوطنى، ولأنها -أى وسائل الإعلام- أصبحت قوة كبرى فى نشر الحقائق وإضاءتها وكشف خبايا المناخ السياسى الذى يزخر بالازدواجية والتلون والمواقف المتبدلة بسرعة.

ولا أدرى أمن حسن حظ قطاع الإعلام أم من سوء حظه أنه الأكثر تطورا ونموا خلال السنوات الخمس الماضية، والمتتبع لعدد القنوات الفضائية والصحف المستقلة والمواقع الإخبارية الإلكترونية والإذاعات والقنوات على الإنترنت يعرف أننا أمام انفجار إعلامى بكل معنى الكلمة، ولكنه انفجار فى واقع سياسى واجتماعى يفكر معظم أقطابه ورموزه على طريقة حسنى مبارك خلال السنوات العشر الأخيرة من حكمه.

كان نظام حسنى مبارك، كما تعلمون، يضيق بالمعلومة وبالخبر، إذا لم يكن يبرهن على صواب مواقفه وتوجهاته، حتى لو كان صحيحا مائة بالمائة، ويعمل على توزيع الاتهامات على الصحف والقنوات التى تحافظ على استقلالها مرة بالتخوين ومرة بالتبعية لرجال أعمال مأجورين، وأحيانا يتناسى أن الإعلام الذى يكشف الكوارث وقضايا الفساد لا يجب أن يلام ويتحمل تبعة الكوارث والفساد، بينما الموظفون الكبار والمسؤولون وشركاؤهم أحرار طلقاء دون محاسبة.

الآن نحن بصدد ائتلافات ومبادرات مجهولة تنظم كل يوم مسيرة أو مظاهرة وشعارها المرفوع «تطهير الإعلام»، وإذا فتشت عن هذا الشعار الممجوج، ستجد وراءه شخصية من تلك الشخصيات الثعلبية التى ابتلينا بها فى الميادين والشاشات، واصطنعت لنفسها ألقابا هلامية تتمسح بالثورة، واستغلت ما يسمى بضغط الشارع لتسيير مصالحها وتسويق نفسها، لكنها اصطدمت بوهج الإعلام الكاشف الذى يعرى التناقضات ويحفظ الذاكرة من نسيان تحولات الزعامات المزيفة.

لا يعرف بالقطع أصحاب الزعامات المزيفة أن وسائل الإعلام كاشفة لنفسها ولغيرها وأنها ليست فوق النقد أو المحاسبة، لكنها محاسبة مهنية من داخلها، ومحاسبة من القارئ والمتلقى المرتبط معها بعقد اتفاق لإمداده بالحقيقة المجردة وأن الوسائط الإعلامية التى تحيد عن اتفاقها مع المتلقى، تواجه أقسى عقاب وهو التجاهل والانصراف عنها، أما التى تلتزم باتفاقها وتعاقدها الأسمى، فلا تنكسر أمام دعوات التطهير ومسيرات الزعيق.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة