أدهشتنى ردود الأفعال فى أعقاب النطق بالحكم على الرئيس السابق محمد حسنى مبارك ونجليه علاء وجمال ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى ومساعديه.. ردود أفعال أصفها بعدم المسؤولية وتدعو للأسف أننا لم نعتد احترام القضاء وقدسيته باعتبار أن القضاء هو امتداد للعدل والميزان والكلام الحكيم.. والمفترض أن تحترم أحكام القضاء ورجاله.. وحتى لو كان هناك تعقيب من خلال نقض فهذا مكانه ساحة المحكمة فى أوراق ومساجلات ومرافعات قانونية ترتقى بكيان مصر التى هى من أكبر ساحات العدل ولا داعى لاستعادة تاريخ قضاة مصر الذين شهد لهم العالم العربى والعالم كله خلال مئات السنين.. هذا التاريخ يجعل القضاء خطا أحمر ليس لأحد تجاوزه أو الاستهانة به أو التقليل من حجمه فالقانون شىء والعواطف الإنسانية البسيطة شىء آخر.. ما حدث هو تطبيق للقانون بحكمه وبالعدل.. هو خاتمة لأطول وأخطر محاكمة أطلق عليها إعلاميًا محاكمة القرن.. وقد أعجبنى رأى الشيخ الجليل القاضى المستشار محمود الخضيرى رئيس اللجنة التشريعية بمجلس الشعب بأن الحكم قد أرضاه.. هذا الحكم بدون مزايدة أو تدن.. ولهذا فلابد من الذين يهوون تصعيد الأمور بما ليست تحتمل.. أن يكون لديهم حكمة ورأى سديد وألا تختلط الأوراق بين أيديهم وألا تتجاوز الاتهامات الجزاف الحقيقة المطلقة.. فيصبح كل شىء فوضى وحين يطالب البعض بمطلب ساذج يقولون فيه أمام المحكمة: الشعب يريد تطهير القضاء، وهذه قمة المهزلة.. هؤلاء الذين لا يرون لهم حكمًا بعينه إنما يكذبون ويحاولون لصق كلام على لسان الشعب والحقيقة أن الشعب يثق فى القضاء.. ولسنا فى حكم مطلق.. بل إن النيابة العامة أعلنت أنها تدرس الحكم حاليًا للطعن عليه قانونيًا.. وهذا معناه أن العدل مستمر ولن يظلم أحد ولن يقهر أحد على حساب الآخر.. فلماذا كل هذه الاختناقات ولماذا كل هذا الفزع.. نريد من الشباب المزيد من التروى حتى يعرفوا كيف يحصلون على حقوقهم كاملة بلا نقصان.. ما يحدث هو إتلاف لحماسهم ومزايدات لا طائل منها ولا ثمار احتجاجات فوضوية استكمالاً لمليونيات لم تحدث شيئًا والمدهش أن كل الأبواق مفتوحة رسميًا وبلا قيود وكل الأبواب كذلك بلا أقفال والناتج أن الجو العام فى مصر تغير وأن شكل كل شىء قد أصبح حراً بلا أى معطلات.. الحكم التاريخى الذى صدر من حقنا أن نحترمه وأن نحترم من قبله القضاء الشامخ الذى لم يزايد على أحد أو يجامل أحداً.. ولسنا فى ساحة المستفيدين من أحد ضد الآخر.. فقط أتمنى أن نحترم القضاء وأن ننحنى لكلمته.. وأن نكون دائمًا تحت ظلاله مطمئنين إلى حكمه وإلى حكمته.. وحتى إذا اعترض أحد على حكم القضاء فإن هناك طرقا شرعية وسبلا للاعتراض أمام ساحة المحاكم بهدوء وليس عن طريق الاحتجاجات التى تسيل معها الدماء.. بل وصل هذا الاحتجاج إلى الاعتداء على بعض رجال الأمن المركزى فهل هذا مقبول..؟! وما ذنب هؤلاء الذين يحمون الجميع بلا تحيز لهذا أو ذاك، أعيدوا الحكمة إلى عقولكم.. ولنعتد على احترام القضاء ولنعتد على معرفة الطرق الشرعية للوصول إلى العدل.. وإن كان العدل أحد أسماء الله سبحانه وتعالى فعلينا أن ننحنى أمام هذا الاسم الأسمى.. وأن نسعى إلى حمايته ناسين أى ضغائن أو أحقاد أو صغائر.. والله الموفق..