بالرغم من رد الفعل النفسى بعد جلسة السبت الماضى لمحاكمة القرن، وبالرغم مما يسمى بمليونية الجمعة الماضية لتطبيق قانون العزل واستبعاد شفيق، وبالرغم من هذا الصراع المحتدم بين طرفى الصراع فى مرحلة الإعادة لانتخابات رئاسة الجمهورية، تظل المفاجأة والصدمة قابعة على صدور كل المصريين الذين لم يصوتوا لمرسى مرشح الإخوان ولشفيق مرشح الحزب الوطنى المنحل.. باعتبارهما لا يمثلان الثورة بما يعنى أن الرئيس القادم إما أن يكون هو ظل الإخوان المسلمين فى حكم مصر، أو أن يكون مندوب الحزب الوطنى المنحل الذى عادت له الحياة مرة أخرى وكلاهما مرفوض، والغريب فى الأمر أن هناك قطاعا من القوى السياسية التقليدية التى لا تمتلك تواجداً حقيقيا فى الشارع، تغيب عنها تلك الحقائق التى نتجت عن العماية الانتخابية وهى تشكيل قوى سياسية جديدة أصبحت حقيقة فى الشارع السياسى قد تجاوزت أعدادها تلك الأصوات التى حصل عليها كل من المتصارعين فى الإعادة، فاستسلموا للواقع القديم وأعادوا إنتاج أجواء ما قبل ثورة يناير وكأننا قد أصبحنا أسرى الإخوان أو الوطنى، فتم طرح ما يسمى بضمانات يلتزم بها المتصارعان، وكأن الضمانات هذه والتى كثيراً ما قطعتها جماعة الإخوان على نفسها منذ عام 1928 ناهيك عن الوعود والعهود التى تمت بعد ثورة يناير والتى ذهبت أدراج الرياح فلا وعود التزموا بها ولا عهود أوفوا بها، مع العلم أن هذه الوعود لا جدوى منها أمام سيطرة الإخوان على الدائرة السياسية باستحواذهم على مجلسى الشعب والشورى وتشكيل الحكومة واقتناص الرئاسة بذا تغلق الدائرة السياسية فيتوقف الفعل السياسى حيث لابد من كسر هذه الدائرة ليحدث التوازن، فى الوقت الذى لا يملك فيه شفيق أى إمكانية تجعله يحقق أى وعد أو يفى بأى عهد خاصة أن البرلمان لن يسعفه بقوانينه التى يحقق من خلالها وعوده، وقد وجدنا من يتكلمون باسم الثورة ويدعون الثورية يطالبون بانتخاب مرسى وكأن مرسى والإخوان هم الثورة أو أن إغلاقهم للدائرة السياسية عليهم فقط هى الحفاظ على الثورة والغريب أن هدف تلك الضمانات هو إعادة التوافق والتوحد الوطنى، فماذا يحدث؟ نجد مرسى يطلق الوعود التقليدية والتى لا جديد فيها والتى قيلت مرات ولم تر تطبيقاً على أرض الواقع ومع ذلك نجد موقع الإخوان «إخوان أون لاين» ينشر تصريحاً لمسؤول قسم التربية بالجماعة يقول «لن أنتخب واحداً من هولاء 1 - فلول أذناب النظام الساقط 2 - الليبراليين الفوضويين أتباع ميكافيلى أصحاب الخمور والمخدرات والشذوذ 3 - العلمانيين الذين لا يوجد لديهم الله 4 - اليساريين الذين لا إله لهم والحياة عندهم المادة والدين أفيون الشعوب 5 - المنشق عن الجماعة لأنه يحمل عدوى الانشقاق فهو مثل الخوارج والشيعة والمعتزلة وبقى رجل واحد وهو إنتاج كبرى الجماعات الإسلامية فى العالم هو محمد مرسى» هكذا ترى جماعة الإخوان كل القوى السياسية وهكذا ترى نفسها ولا تعليق لحسنى النية أو لمستغلى اللحظة الذين يعلمون وصول الإخوان فتأخونوا.
فالحل يا سادة قد أقره واختاره شعب مصر العظيم الشعب القائد والمعلم عندما اختار الطريق الثالث الذى يرفض دولة الإخوان الدينية ودولة العسكر الشفيقية.. ذلك التيار السياسى الوطنى المصرى الذى يسعى لإقرار العدالة الاجتماعية للشعب المصرى الذى عانى ومازال يعانى فى دولة القانون الذى لا يفرق بين مواطن وآخر لأى سبب، فهذا هو الضمان فليأت مرسى أو شفيق فالضمان الآن الدستور والرأى العام والمواطن الذى أصبح له الآن ثمن يفوق كنوز الأرض.