لم تكن صدفة أن نسمع خلال اليومين الماضيين تصريحات مستفزة من شخص كان جزءا من الماضى الذى نتمنى - أو يتمنى كاتب هذه السطور على الأقل - أن يبحث كل من يمثلونه عن ركن مظلم فى التاريخ يتوارون فيه.. بلا مواربة وبصراحة أنا أتحدث عن النائب السابق الفلول - بشهادته على نفسه - عبدالرحيم الغول، وقد كان جزءا من حديث الناس فى الشارع خلال اليومين الماضيين، وربما فى المستقبل، لكن اليقين الوحيد هنا أن ظهوره على الساحة يؤكد خسارة الثورة المصرية كثيرا من دمائها دون جدوى.
بشكل شخصى أنا أعترف أن أكثر ما يؤذينى فى عودة عبدالرحيم الغول للظهور هو تأكيده على ما ترسخ فى ذهنى منذ بداية الثورة أن الفساد ترك أثره فى نفوس البشر أكثر مما ترك على الحجر، فالرجل بتصريحه الشهير دعما للفريق أحمد شفيق فى الرئاسة «أنا أبو الفلول فى مصر» يعطى انطباعا لكل الناس أن كل هذه الأرواح التى أزهقت خلال ثلاثين عاما من حكم مبارك وكل الدماء التى سالت حتى يتزحزح عن الحكم لا تعنى شيئا لأبناء تلك المحافظة العريقة التى يرفض أهلها الذل والظلم، وكأنهم لا يريدون للجمهورية الثانية أن تقوم، بينما الكثير من أبناء قنا، حتى الذين أيدوا شفيق، يعتبرون الغول عمودا رئيسيا فى خيمة النظام السابق وشاهدا على ممارساته وساكتا عن حق الكثير من المصريين الذين أوذوا فى سبيل لقمة العيش.
وقد آلمنى وآلم من أعرفهم من الشرفاء فى قنا أن يهز الناس رؤوسهم بالرضا على تخويفه لمن أسماهم «أبناء القبائل» بالحرمان من المناصب القيادية فى الداخلية إذا ما فاز مرشح الإخوان، وليس حبا فى الإخوان إذا قلت إن كل هذا هراء، فالثورة قامت لنصر البسطاء من الناس ممن حرموا حتى من أن تحميهم الداخلية، والقضاء على العنصرية البغيضة والتفرقة التى تخلق جحودا بين أبناء الوطن الواحد والدين الواحد، فقط أقول للغول إن أبناء قنا أحرار من أحرار ولن يبيعوا مستقبل وطنهم بعرض دنيوى تافه، فإذا لم تستطع أن تخجل من ماضى الحزب الذى كنت تنتمى إليه فعلى الأقل لا تكن عنصريا وتشوه صورة محافظتك التى آوتك ومنحتك شرف الانتماء إليها، ولا تعتقد أن وصول الفريق شفيق للرئاسة سيمنحك أنت وغيرك حق العودة للساحة، فأصحاب الحق صامدون، وأنتم إلى زوال وعجلات الزمن لا تعود للوراء.. قليل من الحياء يا رجل.