نظرة واحدة على الترشيحات للمناصب الوزارية، أو الترشيحات التى تقدمها النخبة السياسية لتولى مهام نواب الرئيس أو الوزراء ورؤساء الوزراء، نكتشف أنها من نفس المخزون، ونفس الشخصيات التى تحتل مساحة من الشهرة بصرف النظر عن الكفاءة.
وينتشر تصور أن وضع شخص ما فى مكان ما يصلحه، بينما يفسده شخص آخر، وهو تصور يرى أصحابه أن تغيير الأشخاص وحده يكفى لتغيير شامل، بينما التجارب السابقة تشير إلى أن تغيير الأشخاص لا يغير شيئا، بل ربما كان هناك شخص ناجح فى مكان يفشل كمسؤول.
ثم إن عملية الاختيار والاستبعاد والترشيح للمناصب ترتبط بالخلافات والصراعات، والخصومات الشخصية التى تتحكم فى اختيار الأشخاص أو محاربتهم، خاصة ونحن فى مرحلة تلعب فيها الخلافات الشخصية الدور الأكبر فى السياسة وفى غيرها، حيث نرى الكثير من المعارك التى تدور باسم مكافحة الفساد هى فى الواقع انعكاس لمنافسات بين فاسدين، يلعب فيها بعض محترفى الإجرام السياسى دورا بارزا يكون فى الغالب مدفوع الأجر، حتى لو كان عنوانه الصالح العام. بعضها معارك يديرها رجال أعمال وسياسيون ضد بعضهم بواجهات مختلفة، ويقوم فيها سماسرة البلطجة السياسية بدور الوكيل، والنتيجة استمرار نفس أسلوب الاختيار القديم، حيث يستند الاختيار إلى الولاء.
ومنذ الإعلان عن فوز الرئيس محمد مرسى هناك مشتاقون فى كل المجالات يعرضون أنفسهم على السلطة بطرق مختلفة، منهم من يصنع ضجة حول نفسه، أو ينشر شائعات عن ترشيحه لهذا المنصب أو ذاك، وكثيرون ممن عملوا فى حملات الانتخابات للرئيس يرون أنهم الأحق بالمناصب، حتى لو كانوا خالين من الكفاءة، وبعضهم من رجال كل العصور جاهزون دوما للعب دور مع السلطة، يتقلبون ويتغيرون حسب اتجاهات الريح.
ومازالت طريقة الترشيح أو الاختيار تتم بالطريقة القديمة بناء على الشهرة أو الولاء، وليس الكفاءة، ولهذا فإن أغلب الترشيحات من نفس الأسماء، وتبدو الاختيارات ضيقة ومحصورة فى عشرات، مع أننا نقول إن البلد ملىء بالكفاءات، حتى لو كانت عملية تجريف تمت خلال عقود فهناك أكثر كثيرا من الأسماء التى تحتل الصورة وتملأ الدنيا ضجيا.
ربما ينتبه النظام الجديد لهذه الأمراض التى تسببت فى تجريف مصر طوال عقود، وتتخلى عن اختيار مسؤولين من بين نجوم الضجيج، أو من بين الأكثر ولاء أو قدرة على إرضاء السلطة، خاصة أن المشتاقين والمنافقين ورجال كل المراحل مستعدون دائما لتوصيل النفاق إلى المنازل، وإلى المسؤولين من أجل المناصب. ولو استمرت طريقة الاختيار بالنظام القديم الذى يقدم الولاء على الكفاءة، فهو إحياء لنظام كان الظلم والتمييز أبرز ما فيه. وحتى لا نحيى النظام الفاسد علينا أن نتخلص من أسوأ ما فيه.. تقديم الولاء على الكفاءة، وإلغاء تكافؤ الفرص.