أمن الخليج.. أم أمن إسرائيل؟

مازلت أؤمن أن ثورة «البحرين» هى الثورة الأكثر تعرّضاً للظلم بين كل رفيقاتها فى تيّار الثورات العربيّة، فعلى الرغم من كون الثورة السوريّة شهدت مجازر أكثر بشاعة، وضحايا ربما أكثر من كل شهداء الربيع العربى مجتمعين، إلا أنه هناك من يسمع عن سوريا ويقيم المؤتمرات حولها ويشجب ويدين ويستنكر، أما «البحرين» فجراحها تحدث فى صمتٍ وتعتيمٍ غير مشهودين، ذلك أنه اجتمع عليها الأطراف كلهم دون استثناء يذكر، فالأمريكان والصهاينة يؤمِّنون أنفسهم بمساعدة النظام المستبدِّ الحاكم هناك، والسعودية وقطر و«قرى البترول العربى» تؤدى واجب الخادم المطيع للسيِّد العبرى فيشاركون فى قمع الثورة ووأدها، مصوّرين للعالم أن ما يحدث هناك ما هو سوى انتفاضة طائفيّة مدعومة من إيران بهدف نشر التشيّع!!

ولأن طبائع الحكّام فى الخليج لا تجعل المرء متفاجئاً من مواقفهم، إلا أن الصدمة الحقيقيّة ربما تحدث عندما يكون ذات الموقف هو ما يتخذه المصريون –بعد الثورة- على المستوى الرسمى، وهذا ما حدث عند استقبال الدكتور أحمد فهمى رئيس مجلس الشورى لوفد بحرينى –كما نشرت صحيفة «الخليج» - وقال لهم إن أمن البحرين وعروبتها هى والخليج «خطٌّ أحمر» غير عابئ بالدماء التى تسيل، ولا بالثورة التى تشتعل، ولا بالقواعد الأمريكيّة التى يحميها النظام الحاكم، ولا أن أمن الخليج بالمفهوم الذى ذكره الدكتور فهمى ما هو إلا الأمن القومى للكيان الصهيونى، خصوصاً والصراع بين المعسكر «الإيرانى» والمعسكر «الصهيوأمريكى» يشتعل يوماً بعد الآخر ممّا يجعل كل السائرين فى مسار دعم الأنظمة المستبدّة والقبول بقمع الشعوب وإخراسها محسوبين «شكلاً وموضوعاً» على المعسكر «الصهيوأمريكى» حتى ولو أنكروا ألف مرّة وادّعوا عكس ذلك.

أقول للدكتور أحمد فهمى رئيس مجلس الشورى: ألم يكفكم ما فعلتموه بكرامتنا وشرفنا عندما ذهبتم لتقبّلوا أقدام السعوديّين طمعاً فى حفنة من الأموالِ متجاهلين كل النداءات التى تطالب بالحريّة لمعتقلينا هناك، والكرامة للمصريين العاملين هناك، والآن تفعلونها مع البحرين، وربما تكون غداً – بصراحة - مع الصهاينة، ألهذا الحدِّ تفعل المناصب بالبشر؟!
قال النبى الكريم «ص» عن أبى هريرة فى حديثه «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت»..

فلتقل خيراً أو لتصمت يا دكتور فهمى، وكفاكم لعقاً لعتبات آبار البترول، فالاستثمارات لا تُقدَّمُ على الدماء، والأنظمة لن تنتصر على الشعوب....والتاريخ خير شاهد.
«المجد للشهداء...النصر للشعوب»