د.عثمان فكرى

كيف يتصرف الرئيس؟

الثلاثاء، 10 يوليو 2012 11:47 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حال القوى السياسية فى مصر الآن، يذكرنى - مع الفارق – بمجموعة أطفال يلعبون بحماسة واندفاع، ثم فجأة أحضر أحدهم لعبة وأراد الجميع المشاركة فيها فى نفس الوقت، فبدأوا يتصارعون كل منهم يريدها لنفسه، أو على الأقل يريد أن يبدأ هو أولا اللعب، ونتيجة هذا الصراع الشرس تمزقت أوصال اللعبة، وأصبح كل جزء منها فى يد طفل.. فلا تمكن أحدهم من اللعب بها لنفسه أو حتى بالمشاركة مع غيره.. فتحطمت اللعبة.. وعم الحزن الجميع.

الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسى مقسم بين جماعات وتيارات لا حصر لها، كل منها يريده لنفسه أولا.. فالرئيس لا يستطيع أن يتخلى عن أحلام حزب الحرية والعدالة، ومن ورائه جماعة الإخوان المسلمين فى تسلم قيادة البلاد خلال الفترة القادمة، بعد سنوات طويلة من العمل فى الظل انتظارا لهذا اليوم.. وهو حق مشروع لجماعة كافحت طويلا، واستطاعت رغم كل أنواع التضييق التى مارستها السلطة الحاكمة فى البلاد على مدار عشرات السنين، أن تقف على أرض صلبة وتحفظ لكيانها وجوداً مؤثراً فى العملية السياسية قبل الثورة وبعدها. ومن ثم يبدو السيد الرئيس مكبلا بأحلام جماعته وحزبه.. ولم يعد السؤال، كم مقعدا يحصلون فى الحكومة الجديدة، بل على أى الحقائب تريد الجماعة أن تضع يدها؟

وعلى مسافة ليست كبيرة يقف السلفيون يريدون الحصول على مقابل دعمهم مرسى فى انتخابات الإعادة، وبعضهم يشترط الحصول على مقاعد مؤثرة فى الحكومة الجديدة، فى مقدمتها الصحة والتعليم.. ليس هذا فقط.. بل هناك من الدعاة السلفيين من يطالب الرئيس الجديد بتطبيق قواعد الشريعة الإسلامية التى انتخبوه من أجلها.. وإن لم يفعل سينقلبون عليه.. قيد جديد يوضع فى طريق الرئيس، ويشده إلى الوراء كثيرا.

التيارات الليبرالية ترى أنها صاحبة الفضل الأكبر فى وصول الرئيس إلى قصر الحكم، بعد أن قدمت له ما يربو عن 7 ملايين صوت انتخابى، أضيفوا إلى كتلته التصويتية الرئيسية ـ ليتمكن من هزيمة منافسه بفارق قليل.. ومن ثم فإن هذه التيارات – للأسف الشديد – تضع قدما على أخرى، وهى تقدم شروطها للرئيس للمشاركة فى إدارة المرحلة القادمة، وأغرب هذه الشروط هو أن يتخلى الرئيس عن جماعته وحزبه صاحبى الفضل الأساسى فى وصوله للحكم، وأن يشكل حكومة رئيسها من هذا التيار، ومجلس رئاسى لهم فيه مقعد أو اثنان!! ليس هذا فقط.. بل إن بضعا من هؤلاء الليبراليين يريدون فرض برامجهم على الرئيس، ويطالبونه بتأجيل مشروع النهضة الذى انتخبه جموع الناس من أجله فى سبيل تنفيذ بعض المشاريع والبرامج التى يرون أن لها الأولوية.. هذا ليس قيداً واحداً.. بل مجموعة قيود تكبل حركة الرئيس، فكيف يستطيع الفكاك منها؟

الأقباط أيضا استوعبوا صدمة خسارة شفيق سريعا، وتوجهت الوفود الكنسية لتهنئة الرئيس، وهو أمر طيب لا شك، ووعد الرئيس بنائب قبطى للمرة الأولى فى تاريخ مصر.. غير أن الوعود حتى تتحقق، لا مانع من وضع قيود أخرى فى طريق الرئيس عبر إحياء مشروعات الأقباط المؤجلة منذ سنوات كثيرة – ولهم كل الحق فى ذلك - مثل قانون دور العبادة الموحد.. وتعديل بعض مناهج التعليم التى يرونها تخلق تمييزا بين المسلمين والأقباط.. رئيس من قلب جماعة إسلامية، يقف لها السلفيون بالمرصاد.. يريدون منه تحقيق أحلام قبطية مؤجلة منذ عقود، لم يجرؤ على الإقدام على ذلك من كان محرراً من قيود مرسى، ويملك صلاحياته كاملة، ولا يجرؤ أحد على مراجعته فيما يفعل.. هذا أيضا ليس قيداً فى طريق الرئيس، بل لغماً قد يفجر معه فتنة عانينا كثيرا حتى نخمدها ولو قليلا.. فكيف سيتصرف الرئيس؟
للحديث بقية إن شاء الله.

• مدرس الإعلام بجامعة القاهرة








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة