أعلم أنك محمل بهموم ما بين وحدة الكنيسة ووحدة الوطن، وأنك فى هذه المرحلة الحرجة تحمل وتتحمل خطايا القريبين قبل البعيدين، ولكننى- ياسيدى- قررت أن أخاطبك رغم كل ذلك لما يحمل هذا الخطاب من أهمية تفوق قضايا مثل انتخاب البابا 118 كنسياً أو صياغة الدستور وطنياً. القضية- يا سيدنا- ترتبط بدماء الشهداء من المواطنين المصريين الأقباط، فقد تعود المواطنون الأقباط على إهمال الدولة لضحاياهم حتى صارت دماء الأقباط بلا ثمن، وأستطيع كباحث أن أقدم الإحصائيات للفترة ما بين 1981 حتى 30 ديسمبر 2010 أى عصر مبارك حيث قتل 157 وجرح 811 قبطياً وتم نهب ممتلكات 1384 قبطياً بعد استحلالها، والاعتداء بالحرق والهدم على 103 كنائس.
وبعد ثورة 25 يناير حرقت أو هدمت ثلاثة كنائس هى الشهيدين بإطفيح والعذراء بإمبابة ومارى جرجس بالماريناب، أما عن الضحايا بعد الثورة فقد قتل وسحل 50 قبطياً فى عام 2011 فقط منهم 27 فى ماسبيرو، 13 فى أحداث منشية ناصر، 6 فى إمبابة، 2 بنزلة رومان بالمنيا، 2 بأبى قرقاص بالمنيا. ولم ينس الأقباط تفجيرات القديسين بالإسكندرية فجر 1 يناير 2011 وضحاياها الذين تجاوزوا المائة منهم 27 شهيداً وما تبقى جرحى، هكذا سالت دماء الأقباط قبل وبعد الثورة ونهبت ممتلكاتهم واعتدى على حرمة كنائسهم وفى كل هذه الأحداث لم يقدم أحد للمحاكمة سوى مرتين: مرة فى مذبحة الكشح واستطاع الأمن أن يقدم قضية بلا أدلة فلم يكن أمام القضاء سوى تبرئة المتهمين، والثانية هى مذبحة نجع حمادى التى أدين فيها الكمونى ورجحت مصادر قانونية أن الحكم صدر لأن الكمونى قتل مواطنا مسلما.
سيدنا.. دماء الأقباط قدمت قرباناً من الكنيسة للحاكم تارة سمى مبارك وأخرى المجلس العسكرى، فهل نكرر الثالثة مع الرئيس مرسى؟ على سبيل المثال يا سيدى دماء شهداء وجرحى القديسين تركتها الكنيسة لصغار شباب المحامين يتدربون فيها، ومع كامل احترامى لك ولهم ألم يكن أمامكم كبار فقهاء القانون من أشقائنا المسلمين قبل المسيحيين الذين لا أشك أنهم كانوا سيقتفون أثر القضية وصولاً لمحاكمة الجناة. كذلك يا سيدى وأنت مقرب الآن من الرئيس مرسى وتتواجد فى حضرته من محفل إلى آخر، أليس بمقدورك أن تخاطبه لتشكيل لجنة لجمع الأدلة وإعادة المحاكمة فى قضية شهداء القديسين على غرار اللجنة التى شكلت لقضية شهداء الثورة. أتوجه إليك يا سيدنا لعلمى أن النخب القبطية الحقوقية مشغولة بالإعلام والمصالح وإلا ما وصل بنا الحال إلى اقتدائهم بالإخوان المسلمين والمتاجرة بدماء الشهداء عن طريق قبول «الدية» وطلب إدراجهم فى شهداء الثورة، بئس هذه النخب، ستظل دماء الشهداء الأقباط فى رقبتنا جميعاً. ومن له عينان للنظر فلينظر ومن له أذنان للسمع فليسمع.