الصوم عند أهل الشرع هو الامتناع عن الأكل والشرب والجماع وغيرها من المفطرات مثل السب واللعن وغيرذلك. ولكن الصيام فى الحقيقه هو الامتناع الكامل عن المعاصى والذنوب فينير الصوم قلب وعقل الصائم فيصبح أهلا لكى يأخذ الجائزة فى نهاية الشهر فى عيد الفطر.
وشهر رمضان هو تدريب -بالإضافة إلى أنه عبادة- على التشبه بالعالم العلوى حيث الملائكة لا يأكلون ولا يشربون ويطيعون ربهم ولا يعصونه. إنه الشهر الذى يرتفع بالإنسان إلى أعلى عليين ليرى ويسمع ما لم تره عين ولا سمعته أذن، إنه يسير فى الجنة وهو على الأرض، إنه الملاك البشرى الذى امتنع عن كل ما يغضب ربه ويفعل كل ما يرضيه من تفجير طاقات الخير والعبادة والعطاء والبذل. لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فى صيام دائم عن كل ما يغضب الله، إنه النبى المعصوم والذى كان يضرب القدوة الحسنة والدائمة للأمة الإسلامية فى كل الأوقات. كان رسول الله جوادا كريما فى جميع الأوقات ولكنه أجود ما يكون فى شهر رمضان.
وكلما فهم الإنسان قيمة شهر رمضان فإنه يهرع إليه بقلبه ليرحب بمقدم هذا الشهر المعظم، فالله العزيز القدير قال: «يا آيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام...» إن الصيام عبادة فرضها الله عز وجل على عباده أجمعين عبر جميع العصور. قد تكون فيها بعض المشقة عند البعض ولكن عند آخرين يجدون أن الشهر المعظم كله خير وسعادة وليس به أى مشقة. فعلى سبيل المثال يرى الشيخ فارس البغدادى أن الصوم هو الغيبة عن رؤية الخلق برؤية الحق جل وعلا. وهذه درجة من الإدراك السامى للصوم لأن العبد يسمو روحيا ووجدانيا فلا يرى سوى الله فى كل شىء فيحب كل شىء ويحبه كل شىء ويحبه الله العلى القدير. يقول الإمام القشيرى: من شهد الشهر صام لله، ومن شهد خالق الشهر صام بالله. فالصوم لله يوجب المثوبة، والصوم بالله يوجب القربة. ويقول الإمام جعفر الصادق عليه السلام: الصوم يميت مراد النفس وشهوة الطبع، وفيه صفاء القلب وطهارة الجوارح وعمارة الظاهر والباطن والشكر على النعم والإحسان إلى الفقراء وزيادة التضرع والخشوع والبكاء وجل الالتجاء إلى الله وسبب انكسار الهمة وتخفيف السيئات وتضعيف الحسنات فمن أدرك أن روح الإنسان تتعلق بالعالم العلوى وتحن إليه لأنه موطنها فسيعرف أن الصيام هو غذاء للروح وتزكية للبدن فالصيام مكسب من كل جانب إذا حسنت النية وصدق العمل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة