عندما يغيب الانتماء للوطن ويتم التنكر لعلَمِه ولسلامه الوطنى، ويصبح هذا وجهة نظر، عندما يتم الزعم والاستئثار بالدين «وهو لكل العالمين» وكأنه ملك لجماعة بعينها فهى التى تفسر وتطبق وتحمى، ويتم المتاجرة باسم هذا الدين الذى هو أكبر من الجميع، عندما يتم استغلال الدين لدغدغة مشاعر المتدينين ولمغازلة عواطفهم الدينية لما للدين من قداسة لدى الضمير الجمعى المصرى بهدف حشد تلك الجماهير لمواجهة الآخر وتحقيق أهداف حزبية لا علاقة لها بالدين، عندما نرى شهوة الاستحواذ تطبق، والغرور والاستكبار يمارس، عندما تصبح القيم والأخلاق والمبادئ مجرد مواقف تكتيكية بهدف الوصول لما يريدون، عندما تطرح الوعود وتقطع العهود لتمرير مواقف ولحصد مكاسب ثم تضيع الوعود وتتبخر العهود، عندما يحترم القضاء وأحكامه إذا كانت فى صالحهم وتحقق أغراضهم وتوصلهم إلى السلطة (شعب، وشورى، ونقابات، ورئاسة)، ثم يتم التنكيل بالقضاء واللعب بأحكامه واتهام قضاته، هذا إذا كانت هناك أحكام تتعارض مع ما يريدون الوصول إليه من استحواذ وسيطرة، كانوا فى الميدان أثناء الثورة مع جماهير الثورة يعلون ويرفعون مبادئ الثورة ويطالبون بالدولة المدنية، يعلنون أنهم مع المشاركة لا المغالبة، فهم لا طمع لهم فى موقع الرئاسة ولن يكون لأن مصر فى نظرهم كما كانوا يصرحون أنها تركة ثقيلة لا يستطيع حملها تيار بمفرده ولكن بمشاركة الجميع، وبعد حالة التمكن التى وصلوا إليها فالمغالبة فى أعلى درجاتها، والاستحواذ الذى فاق كل الحدود. الشىء الذى صور لهم أنهم الفصيل السياسى الوحيد الذى كافح ودفع الثمن منذ عشرينيات القرن الماضى فكانت ثورة يناير هى حصاد هذا الكفاح «كما قال د. مرسى» وعندما يكون كل هذا مفردات المشهد السياسى، ويتحول شهر العسل بين العسكرى والإخوان إلى مواجهة سياسية مستغل فيها القانون، ويتم اللعب بالدستور وتكون المناورة والالتفاف على أحكام القضاء تحت اسم احترام هذه الأحكام، عندما تكون أحكام المحكمة الدستورية العليا هى وجهة نظر لجماهير حزبية تم شحنها وحشدها وتطالب بإلغائها للحفاظ على أغلبية البرلمان الذى كانت تسيطر على تلك الجماعة، عندما تكون الجماعة «وليس الحزب» فى السلطة، وبعد ثورة، وتدعى أنها هى السلطة الثورية التى تحقق أهداف الثورة وتتعامل مع الرأى الآخر الذى قام بالثورة وحشد لها قبل لحاق الجماعة بالثورة، أنه ثورة مضادة وفلول للنظام السابق، بل الأهم فقد تم الاعتداء على هذه الرموز الوطنية بطريقة لم يجرؤ الوطنى المنحل أن يفعلها، عندما تصر جماعة الإخوان المسلمين على أن رئيس الجمهورية ليس رئيسًا لكل المصريين بل هو ملكية خاصة ودوره هو تنفيذ مطالب الإخوان وتحقيق مصالحهم، حتى إنه أصدر قراراً جمهورياً بطعم الإخوان برجوع مجلس الشعب فى الوقت الذى رفضت فيه مصر هذا القرار الذى يصدر من رئيس من المفترض أن يكون رئيسًا لكل المصريين، والغريب أنه بعد حكم المحكمة بإلغاء القرار وبعد البيان الرئاسى باحترام هذا الحكم وجدنا مظاهرة الجمعة الماضية التى كانت تهدف إلى عودة مجلس الشعب أيضًا دون اعتبار للحكم ولا للبيان الرئاسى، ولهذا ولغيره كثير لا أحد يدعى أن ما يحدث هو لصالح ثورة يناير فالثورة اختطفت لصالح الجماعة وبمساعدة من هم محسوبون على الثورة، فكان هذا إما بسلامة نية أو عدم خبرة سياسية، فتمت استمالتهم بما يسمى بالنفاق الثورى، ولا أحد يدعى أن ما يحدث هو لصالح مصر وشعبها، فمصر وشعبها لم يشاهدوا غير فوضى وغياب أمن وانفلات بل غياب للأخلاق، ومشاكل لا توصف ووعود وبرامج لم تحقق للجماهير شيئًا ولا علاقة لها بأى نهضة، ما يحدث هو فى صالح الإخوان المسلمين، فالاستحواذ والغرور والاستكبار ووصول رئيس جمهورية إخوانى صور لهم أن مصر الآن أرضا وشعبا ووطنا ونظاما ودولة هى ملك لهم، ولكن هذا لن يكون، فستظل مصر إلى آخر الزمان لكل المصريين.