د. بليغ حمدى

دَوْرى وكَأْس .. أحْمِدُكَ يَا رب

الأربعاء، 18 يوليو 2012 12:53 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم أفاجأ بقرار وزارة الداخلية فى إلغاء مسابقة الدورى العام ومسابقة كأس مصر للموسم الكروى الجديد، والذى كان داعمه هو عدم تنفيذ اشتراطات النيابة العامة لتحقيق السلامة والأمن بالملاعب المصرية تحديداً بعد تقريرها حول مذبحة بورسعيد الكروية، ويرجع عدم المفاجأة إلى عدة أسباب أراها طبيعية للغاية.

فمصر منذ الثورة وهى تمارس الرياضة بجميع صورها وفنونها ونماذجها بطريقة تلقائية من غير ملعب أو نادٍ، فالمصريون يقفون بالساعات فى الميادين وهم يعتصمون أو ينددون بأمر يأبونه ويرفضونه، والمصريون أيضاً ينظمون مسيرات شبه يومية فى شوارع مصر المحروسة تنديداً بقرار سيادى أو اعتراضاً سلمياً نحو شىء ما.

والمصريون كذلك يحملون أثقالاً يومية عبارة عن لافتات غاضبة تعبر عن سخطهم نحو كل شىء فى مصر العسكر والرئيس والمدير والغفير وسكان العمارة أيضاً، وكذلك أنهم يتسلقون كل صباح أسوار القصر الجمهورى وبعض المؤسسات الرسمية فى مصر.

وبعض المصريين احترفوا ممارسة رياضة جديدة وهى قطع طرق المواصلات عن طريق التمدد والنوم على قضبان السكك الحديدية أو حرق إطارات السيارات فى الطرق السريعة أى أنهم يمارسون رياضة ويحتفلون بها أيضاً.

وربما خبراء وزارة الداخلية اكتشفوا ما اكتشفته مؤخراً وهو خلو الشوارع المصرية تقريباً من الصبية الذين اعتادوا لعب الكرة بالشوارع تماما مثلماً كنا نلعب ونحن صغار، وكأن الأطفال أنفسهم سئموا من محاكاة أبو تريكة وشيكابالا والحضرى وبركات وميدو لأننى أحبه لاسيما أن مصر خلت من النماذج الرياضية بعد اهتمامهم بأمور أخرى سياسية وإعلانية وانتخابية وأيضاً بعد ضيق المصريين بشماعة الحجج الواهية لهزائمنا الرياضية مثل سوء الفندق أو ترانزيت المطار أو أن وجبة الغداء لم تكن مثالية للاعبين.

وبالقطع جاء إلغاء الدورى كخبر سار للبعض، حيث إن كثيراً من المصريين الذين أصيبوا فى معارك الحصول على لتر بنزين أو التقاط رغيف خبز طائر من فرن المخبز كانوا يحقدون ويحسدون هؤلاء اللاعبين على المبالغة فى عقودهم التى تجاوزت الملايين رغم أن أمهر لاعبينا قد هزموا شر هزيمة من منتخب أفريقيا الوسطى.

والأهم من ذلك كله لقد ارتحت كثيراً بإلغاء مسابقة الدورى لأننى دائم الحديث مع ابنى باسل على أن الرياضة أخلاق، ورغم شعاراتى المكرورة والمملة له عن أخلاق الرياضة إلا أن كلامى كله يسقط تاريخياً عند أول خروج لللاعب على مدربه، أو ببصق لاعب آخر تجاه جمهوره، أو من خلال اللافتات التى تكسو المدرجات وبعضها إسفاف أخلاقى وتدهور فى الذوق الإنسانى.
وأخيراً بصفتى أنتمى لنادى الزمالك منذ ثلاثين عاماً مشجعاً أصيلاً بغير تعصب وجدت أن إلغاء الدورى مصلحة كبيرة لى أولاً وللنادى ثانياً، فالزمالك سيلعب مباراة قادمة مع غريمه التقليدى الأهلى فى ثالث أيام الشهر الفضيل وأنا أضع يدى على قلبى خشية الفضيحة وليس الهزيمة لاسيما وأن الزمالك عودنى بقضاء ليلة حزينة فى أيام سعيدة جميلة، ثانياً لأن المشهد السياسى الراهن بات كفيلاً بإصابتى بكل أمراض العصر من ضغط وسكر، وأخشى أن يعود الدورى فأصاب بالسكتة الدماغية نتيجة هزيمة الزمالك فى المباراة الافتتاحية له بالدورى.. شكراً وزارة الداخلية.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة