عاصم الدسوقى

الأزهر فى قبضة الدولة قبل عبدالناصر بزمن طويل

الخميس، 19 يوليو 2012 04:29 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى إطار الحماس الذى صاحب ثورة يناير من حيث النزوع لإعادة النظر فى مجمل الحياة فى مصر، قام شيخ الأزهر بتشكيل لجنة لإعادة النظر فى قانون تطوير الأزهر الذى صدر فى عام 1961 بما يسمح بإلغاء مجمع البحوث الإسلامية، وإعادة هيئة كبار العلماء لانتخاب شيخ الأزهر من بينهم «كما كان الحال طوال عمر الأزهر المديد الذى يزيد على ألف عام.. ولأن عبدالناصر ألغى الهيئة لأنه لم يرض أن تكون هناك هيئة علمية كبرى فى عهده»، «الأهرام 13 يوليو الجارى». وهذا النوع من الأحاديث يتجاهل حقائق التاريخ التى تؤكد أن الأزهر كان فى قبضة الدولة منذ أواخر القرن التاسع عشر، وليس فى زمن حكم عبدالناصر.
والحقيقة أن الأزهر فى بدايته لم تكن له رئاسة «دينية» من العلماء، ولكن كان له ناظر للشؤون المالية والإدارية ابتداء من عام 1383، ويعمل على تنفيذ تعليمات السلطان فيما يخص أهل الأزهر، وكان هذا الناظر من الأمراء والأغوات. ثم أنشأ العثمانيون منصب «مشيخة الأزهر» فى 1522 للشؤون الدينية والإدارية، ولم تكن هناك قوانين لكيفية تعيين شيخ الأزهر، وتحديد علاقته بالحاكم. ولكن فى أعقاب خلافات وقعت بين علماء الأزهر تدخلت الحكومة وأصدرت فى الثالث من يناير 1895 قرارا بتشكيل مجلس إدارة للأزهر ضم عناصر من غير العلماء. وفى 1911 تشكل «مجلس الأزهر الأعلى» ضم عناصر من غير العلماء لإحكام الرقابة على شيخ الأزهر. وفى هذا الخصوص كان شيخ الأزهر يعرض على الحاكم جدول أعمال المجلس قبل انعقاده بيومين أو أكثر، وفى ذلك فرصة للسلطة للقيام بالترتيبات اللازمة فى مسائل معينة قبل اتخاذ القرارات اللازمة.
كما تشكلت «هيئة كبار العلماء» وأنيط بها اختيار شيخ الأزهر، ومع صدور دستور 1923 احتفظ الملك بحق تعيين شيخ الأزهر بعد ترشيحه من هيئة كبار العلماء، وكذا سائر الرؤساء الدينيين. ولكن عندما اتجهت النية فى ديسمبر 1945 إلى تعيين مصطفى عبدالرازق شيخا للأزهر، ولم يكن من هيئة كبار العلماء، إذ كان يعمل بالتدريس بالجامعة، تم التغلب على هذا الإشكال القانونى بإصدار تشريع يقضى بأن يكون التدريس بالجامعة مساويا للتدريس فى المعاهد الدينية من حيث الترشيح. وقد تم هذا التعديل وفق المصالح، فالبرلمان الذى قام بالتعديل كانت أغلبيته من الأحرار الدستوريين، والهيئة السعدية، ومصطفى عبدالرازق، من آل عبدالرازق أحد الأعضاء المؤسسين والبارزين فى حزب الأحرار الدستوريين. ثم تقرر عدم اشتراط اختيار شيخ الأزهر من بين هيئة كبار العلماء، حين صار اعتبار شيخ الجامع عضوا فى هيئة كبار العلماء، حتى ولو لم يكن عضوا بهذه الهيئة أساسا. وكان فى هذا إلغاء لوجود هيئة كبار العلماء كقناة شرعية لمنصب المشيخة، وإطلاق ليد السلطة الحاكمة فى اختيار عناصر معينة لهذا المنصب، وغالبا ما تكون من الشخصيات الطيعة.
وأكثر من هذا فقد كان الأزهر يحظر على علمائه وموظفيه الاشتراك فى أى مظاهرة أو أى اجتماع سياسى، أو إبداء آراء أو نزعات سياسية بشكل علنى، وعدم الاتصال بالصحافة فى غير المسائل العلمية أو الدينية البحتة. وقد ورثت ثورة يوليو هذه الأوضاع ولم تبتكرها، وكل ما فعله جمال عبدالناصر أنه أراد أن يكون الأزهر جامعة علمية تضم تخصصات الطب والهندسة والعلوم والصيدلة، بالإضافة إلى العلوم الشرعية، وذلك لمواجهة نشاط التبشير الأوروبى فى أفريقيا.. فهل حلال على الملوك حرام على رؤساء الجمهورية؟!








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة