السياسة.. وليس الصراع القانونى، هى التى يمكنها أن تكسر الدائرة المفرغة، ومايجرى من صراعات قضائية وقانونية. هو صراع سياسى، قانونيا نحن أمام تفسيرات قانونية متضاربة ومتعارضة، من خبراء وفقهاء، وكل منهم لديه منطقه، ومصالحه، ومازلنا نرى جدلا لاينتهى، حول مصير مجلس الشعب والجمعية التأسيسية.
هى تفاصيل يمكن أن يستمر الجدل حولها إلى مالا نهاية، مع أنها ضمن الوسائل وليس الغايات، بينما تضيع القضايا الحياتية التى تتعلق بالمواطنين والبرامج والخطط التى يفترض أن تكون بدأت، ووسط الجدل القضائى والمماحكات القانونية، تبتعد المسافة عن برنامج الرئيس للمائة يوم الأولى، فيما يتعلق بالأمن والمرور والخبز والعلاج والوقود، ناهيك عن شكل الاقتصاد والاستثمارات وتوفير فرص عمل، والسياحة التى تعد أسرع مصادر الدخل القومى.
وفى حال استمرت هذه المصارعات القضائية، والطعون، والطعون المضادة، نتوقع المزيد من التعثر الذى سيضر الجميع، بمن فيهم هؤلاء الذين يواصلون معارك القضاء، وحتى هؤلاء الذين يتظاهرون أمام مجلس الدولة عند كل نظر قضية، فإنهم من حيث لايشعرون، يضرون ببرنامج الرئيس، والذين يقفون الآن اعتراضا على حكم القضاء، سوف يقفون غدا من أجل حكم آخر، ويقف غيرهم أو يقف كل من يريد حكما معينا، ليطالب به، أو يعترض على حكم صدر ضد مصالحه.
وإذا سمح البعض اليوم بخروج مظاهرات أمام مجلس الدولة تهدد وتتوعد، لن يستطيع أن يمنع غيره من الخروج، فى وقت تستمر حالة التجرؤ على الدولة، وكل من له مطلب ولو كان صغيرا يخرج ليقطع الطريق أو يعطل القطارات، ويتداخل الحق بالباطل، لكنها تعرقل عودة الأمن، وتجعل القوة والصوت الأعلى هى طريق استقضاء الحق، بينما مؤسسات الدولة عاجزة عن الاستجابة لكل المطالب، وحتى اقتراحات الرئاسة، مثل ديوان المظالم، وغيرها، تحتاج إلى آليات لتنفيذها، وترتبط بتطوير أداء الجهاز الإدارى للدولة، فى المحافظات والمدن والقرى.
من الصعب تصور أن تنتهى الصراعات القضائية والطعون إلى شىء، بل هى تساهم فى تعقيد الصورة، وتمنع تنفيذ برنامج الرئيس، أو البدء فى مواجهة حاسمة للوضغ الاقتصادى والسياسى، ولايمكن الاكتفاء بالبحث عن شماعات لتعليق التعثر، واتهام جهات هنا أو هناك بتعطيل برنامج الرئيس، فلم تعد هذه الاتهامات مقبولة.
وهنا يأتى دور السياسة، التى تلعب دورها فى طرح مبادرات، وتدخل فى تفاوض أو تقريب لوجهات النظر، بما ينتهى إلى حلول تخرج البلد من عنق زجاجة، يضيق بشكل كبير، ونظن أن الرئاسة هى المؤسسة الوحيدة القادرة على طرح هذه المبادرات، من خلال حوارات واسعة مع كل الأطراف المختلفة فى الساحة، مع مصارحة كاملة بالأوضاع القائمة اقتصاديا وسياسيا، بعيداً عن حالة الجدل والدائرة المفرغة التى ندور فيها من شهور، وتقودنا إلى دوائر أصغر أو أكبر.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
عبد الحق
هل هناك تغيير؟