محمد الدسوقى رشدى

نصيحة رمضانية

الأربعاء، 25 يوليو 2012 11:43 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قبل أن تقرأ:
لا تسمح لنفسك بأن تدفعك للخروج من أيام رمضان كما تخرج من المولد بلا حمص، لا تسمح لنفسك بأن تضحك عليك، وتخبرك بأن فى العمر فرصا أخرى، استغل الفرصة واغسل همومك وذنوبك فى الشهر الكريم، وحاول أن تقترب أكثر من هؤلاء المذكورة أسماؤهم فى السطور القادمة..

قف هنا وتأمل لأن الكلام القادم سيكون عن الملائكة التى كنا نتمنى أن نخذلها، ونخالف توقعاتها الأولية بشأن مستقبلنا الدموى على الأرض، عن ذلك النور الذى جسده الله فى مخلوقات لا تمل من التسبيح بحمده، ولا تغفل عن ذكره. أنا لا أحدثك هنا عن الهالة المضيئة التى تحيط برؤوسهم، ولا عن الجناحين الأبيضين الأسطوريين المنبثقين من ظهورهم، فأنا لا أقصد أبدا تلك الملائكة التى تظهر فى أفلام هوليوود أو تسكن لوحات كبار الفنانين، أنا أحدثك عن الملائكة الحقيقيين التى تحمل عرش الرحمن، وتعيش فى سماواته، عن تلك الأساطير المنيرة التى تسكن الغيب، عن تلك الأيادى التى ستقودنا إلى الحياة الأخرى الأبدية.. عن هؤلاء الذين سيستقبلوننا بعد أن ننتهى من الدنيا أو تنتهى هى منا.. لهذا ركز جيدا، وخلص نفسك من شوائبها وشرورها، لأن النور لا يحب الظالمين، ولا يسطع فى مناطق نفوذهم.
ركز يا سيدى لأنك فى حاجة، وأنت فى هذا الشهر كريم، أن تعيش قليلا مع تلك المخلوقات النورانية، مع هؤلاء الذين يرمزون إلى الطهر والنقاء، أنت فى حاجة لأن تذكرهم وتعلو معهم، أن تعاشرهم لأربعين يوما على الأقل لعلهم يصنعون منك ملاكا أرضيا.
ركز يا سيدى لأن الحديث عن ملائكة تعيش فى رحاب الرحمن، عن ملائكة أدركت قبل أن يبث الله روحه فى بنى البشر، أنك ستفسد وتسفك الدماء، أدركت أن الأرض لن تحصل من الإنسان إلا على مزيد من الخراب وهذا ماحدث.. كما قال المولى عز وجل فى سورة البقرة (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّى جَاعِلٌ فِى الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّى أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ).. كان اعتراضهم رفيع المستوى، وكان رد فعلهم على الإجابة الإلهية مثاليا، إلا واحدا فقط هو إبليس، فعلى الرغم من اعتراضهم على خلق البشر استجابوا لأمر الله وسجدوا، بل تطور الأمر وأصبح الملائكة يدعون لجنس البشر أفضل مما يدعو البشر لأنفسهم. انظر إلى عذوبة دعائهم لبنى البشر، وستدرك أنك مدين للملائكة بالكثير.. فقد قال تعالى فى سورة غافر: (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ. رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدتَّهُم وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ. وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَن تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)

الغريب أن رد الفعل البشرى على ذلك الحدث كان أيضا رفيع المستوى، وربما هو أفضل رد فعل إنسانى منذ خلق الله البشر، الأمر الطبيعى أن يشعر بنو البشر بنوع من الغيظ والغضب من الملائكة التى رفضت خلقه ووصفته بالفساد والإجرام، ولكن هذا لم يحدث، بل العكس تماما تحول الملائكة إلى تميمة حب وطهارة ونقاء وسلام لدى البشر.. فهل تخرج من شهر رمضان ببعض من ذلك النور؟.. اجتهد وحاول لعلك تنجح.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة