منذ اللحظة الأولى التى تم فيها الإعلان عن اختيار الدكتور هشام قنديل رئيسا للوزراء، لم تتوقف عمليات البحث حول الرجل وتاريخه وإنجازاته وانتماءاته، وهو أمر طبيعى مع أى شخص يتولى منصبا رسميا عاما، خاصة إذا كان هذا المنصب هو رئاسة الوزراء. هشام قنديل وقد أصبح شخصية عامة عليه أن يتحمل كمية النبش والتقليب والتفتيش فى كل ما يخص تاريخه المهنى والسياسى والدراسى والاجتماعى، وحتى حياته الشخصية التى يطالب الإعلام بالابتعاد عنها قد لا تكون محصنة تماما، فى ظل حالة سياسية هلامية لا تخلو من تكتيكات ومناورات ومؤامرات.
أول ما يتوقف عنده المتسائلون هو علاقة قنديل بجماعة الإخوان، وهل هو عضو صريح أم عضو مختف؟، وقبل أن تنتهى التساؤلات حول علاقة هشام قنديل بالإخوان، فتح ملف علاقته بالحزب الوطنى المنحل، وأعلن بعض المواقع المنسوبة للحزب أن هشام كان عضوا فى الأمانة العامة ولجنة السياسات، وهى أمور يحسمها الاطلاع على الوثائق التى تثبت ذلك، مع علمنا أن قنديل كان مديرا لمكتب وزير الرى الأسبق محمود أبوزيد، وعلاقته مع الحزب الوطنى مثل علاقة كثيرين، منهم عصام شرف، أول رئيس وزراء، الذى كان عضوا بأمانة السياسات. وحتى لو كان قنديل تلقى وساما من الرئيس السابق، يمكن تفهم ذلك ضمن تكريم الدولة وليس شخص الرئيس السابق، ثم إنه ليس بالضرورة أن كل من كرمه مبارك هو إنسان لا يستحق.
كون رئيس الوزراء كان ينتمى للحزب الوطنى هو أمر فى الماضى، وحتى لو أعلن أنه ينتمى للإخوان فلا يمكن اعتبار ذلك أمرا مثار خلاف، فالرئيس نفسه ينتمى للجماعة وحزبها، ومازالت للحزب والجماعة تدخلات فى الأمر.
ربما يكون العيب فى أن يتم حجب معلومة، أو أن يكون الشخص ممن يلعبون بـ«البيضة والحجر»، فيكون لاعبا مع السلطة بأى طريقة، سواء كانت «وطنى» أم «جماعة». وفى الغالب فإن الشخصيات السياسية تكون أحيانا قادرة على التكيف مع المتناقضات، ويحتاج السياسى إلى التكيف والمناورة ليستمر فى وسط معقد وصعب، ربما لا يكون ذلك مطلوبا لو كنا فى وضع سياسى مستقر، لكننا فى وضع يشغل الشك فيه مكانة واضحة.
الأمر الأهم هنا هو ما سوف يقدمه رئيس الوزراء من برامج، وقدرته على اختيار وإدارة حكومة يمكنها أن تواجه التحديات المطروحة، وأيضا تكون عنده رؤية واضحة للبدء فى تحقيق برنامج المائة يوم الأولى للرئيس، والذى يبدو أنه تأخر وتعثر بسبب ارتباك سياسى عام. الحكم على الحكومة سيكون بمدى تشكيلها من كفاءات وخبرات، وليس حصص وانتماءات، والأهم هو القدرة على فرض الأمن والقانون، والبدء فى عمل تراكمى لا يعود للنقطة صفر. لن يهتم أحد بانتماءات رئيس الوزراء أو الوزراء لأن الحساب سيكون على النتائج.