أخذ الدكتور كمال الجنزورى الثأر لنفسه مرتين، مرة من الرئيس السابق مبارك الذى أقاله من رئاسة الحكومة بشكل مهين، ولما قامت ثورة 25 يناير وخلعت مبارك، عاد إلى منصبه، وكأنه يحصل بذلك على صك البراءة من تهمة حسابه على نظام مبارك، وفيما يواصل مبارك السجن ومعه كل الذين اتهمهم الجنزورى بإفشال مهمته، بعد أن تكتلوا فى شلة لعرقلة عمله، أصبح الرجل صاحب تجربة فى رئاسة الحكومة تستحق أن تروى لمعرفة الأسرار التى أحاطت بها.
ثأر الجنزورى لنفسه مرة ثانية بعد أن ناصبته جماعة الإخوان المسلمين وحزبها «الحرية والعدالة» العداء، وصممت على إقالته، وحشدت نوابها فى البرلمان لهذا الغرض بالأسئلة وطلبات الإحاطة والاستجوابات، وتواصل سيرك الهجوم ضد الرجل وطاقم حكومته، لكن المخطط لم ينجح، وبقى الجنزورى الذى قيل إنه اشتكى للمشير حسين طنطاوى من أنه لا يرضى أن تتكرر معه نفس الإهانة التى فعلها مبارك.
فى رئاسة الوزراء الأولى للجنزورى أيام مبارك، لم نعرف الأسباب الحقيقة لإقالة الرجل، باستثناء كلام مرسل عن أن نواب الحزب الوطنى غضبوا منه لأنه لم يكن «يدللهم»، وفيما بعد ظهر أن عاطف عبيد ويوسف بطرس غالى وصفوت الشريف كونوا مع آخرين شلة «مقاومة الجنزورى»، وانتهجت هذه الشلة سياسات الضرب «تحت الحزام»، وبواسطة رجالها فى كل مكان، أحدثت لخبطة فى السوق أدت إلى رفع سعر الدولار أمام الجنيه، ومن يومها وكما يقول شاعرنا الكبير جمال بخيت: «الجنيه ألف رحمة ونور عليه».
فى رئاسة الوزراء «الثانية» مع الثورة، لم نعرف الأسباب الحقيقية التى دفعت جماعة الإخوان وحزبها إلى الهجوم الكاسح على الجنزورى والحكومة والتصميم على إقالتها، وقيل وقتها كلاما غليظا شمل اتهامها بأنها تقوم بتصفير الصناديق الخاصة، وأنها تسىء استخدام المقدرات الاقتصادية وغيرها من الاتهامات، وفجأة صمتت الجماعة والحزب عن الهجوم، وحتى الآن لا نعرف الأسباب الحقيقية التى كانت وراء التصميم على الإطاحة بالرجل، ولا نعرف مصير الاتهامات التى كيلتها الجماعة والحزب فى حق الرجل الذى عمل بجد فى حدود طبيعة المرحلة الانتقالية.