هل تذكركم هذه الجملة بشىء؟ نعم إنها التصريح الوردى الأول للرئيس مرسى عندما وقف خطيباً يوزع التطمينات على جميع القوى السياسية التى دعمته فى معركة الرئاسة أمام الفريق أحمد شفيق، وساعتها خرجت التأكيدات بأن مرسى انتوى الانفصال فعلياً عن جماعة الإخوان لصالح مؤسسة الرئاسة والبلد والمصريين!
ماذا حدث بعد ذلك؟ تعثر فى تشكيل الحكومة والفريق الرئاسى بحسب ما تم الاتفاق عليه مع شركاء النجاح فى الجبهة الوطنية والقوى السياسية الداعمة حتى جاءت النتيجة فى النهاية بـهشام قنديل رئيساً للوزراء وكشفت عن سعى الجماعة للسيطرة على الوزارات السيادية وفى مقدمتها «الدفاع».
الفارق بين تصريحات الدكتور مرسى الرئيس وبين تشكيل الحكومة والسعى لأخونة مؤسسات الدولة وعلى رأسها الجيش والشرطة، تماماً مثل الفارق بين مسؤول التصريحات ومسؤول التخطيط والتنفيذ، ويبدو أن لدينا سلطة برأسين فى مصر، ليست الرئاسة و«العسكرى» كما يقال عادة، وإنما سلطة التصريحات وسلطة التخطيط والتنفيذ، لدينا رئيس يطلق التصريحات ويتحدث حديث خطباء المساجد فى الإذاعة كل يوم ولدينا اللهو الخفى الذى يخطط للسيطرة على مفاصل الدولة ولا يتوقف عن حلم التوسع والسيطرة، على مؤسساتها ضارباً بكل الوعود حول التوافق الوطنى ومصلحة البلاد عرض الحائط!
الكلام عن شخصية مستقلة وطنية تحظى بتوافق سياسى على رأس مجلس الوزراء، كان مجرد كلام وضحك على ذقون القوى السياسية التى تبنت الشراكة الوطنية مع جماعة الإخوان وتصورت التزامها بما تقطعه من وعود.
والكلام عن عباس مخيمر ضابط الجيش السابق المتقاعد منذ 10 سنوات وزيراً للدفاع فى أول حكومة للإخوان يبدو أنه الخطاب الحقيقى للجماعة التى تتحرك لتحقيق هدف عقائدى واحد هو السيطرة فعلياً على مؤسسات الدولة لإنهاء مرحلة التمكين «داخلياً» وبدء مرحلة أستاذية العالم أو تصدير الثورة المصرية للمحيط الإقليمى وصولاً إلى حلم الخلافة العربية.
المشكلة أن «الجماعة» ليس لديها استعداد مطلقاً للتخلى عن ثوابتها بخصوص التمكين وتصدير الثورة للمحيط العربى وصولاً إلى أستاذية العالم، كما يزعمون، وتستخدم مسؤولى التصريحات عندها سواء فى السلطة أو خارجها لتخدير القوى السياسية، خاصة كلما كنا على موعد مع انتخابات لكنها تعود و«تلحس» تصريحاتها ووعودها بالكامل بعدها، والقوى السياسية لا تتعلم من دروس الماضى البعيد والقريب، السؤال الآن: من يوقف مخطط الإخوان لاختطاف البلاد إلى صراعات ومواجهات المرحلة المقبلة.. مرحلة تصدير الثورة وصولاً إلى أستاذية العالم؟