من دون الأمن، لا يمكن الحديث عن برامج تنمية، وأيا كان الحديث عن الحكومة الجديدة وشكلها، ونوعيتها، وما إذا كانت تكنوقراطية أم سياسية، وما إذا كانت ستوزع بين الأحزاب بالحصص أو بالوزن. لا قيمة لكل هذا ما لم تتم استعادة الأمن ومواجهة الفوضى، ولعل رئيس الحكومة الجديد يدرك أن الأمن هو الخطوة الأولى للحكومة، ومن دونه لا يمكن الحديث عن سياحة أو علاج أو تعليم، لأن ما يجرى الآن أن اللصوص وقطاع الطرق والبلطجية أصبحوا يهددون المستشفيات والمواصلات والمدارس وبالطبع السياحة والصناعة، ثم إن فوضى المرور هى الأخرى مرتبطة بالأمن.
وسط الانشغال الكبير بتشكيل الحكومة الأولى للرئيس مرسى، والتركيز على برنامج المائة يوم الذى مضى ما يقرب من ثلثه، ينشغل الناس بقضايا كثيرة، ويأتى الأمن على رأس أولويات الناس والحكومة والشارع. ومن دون عودة الأمن يصعب الحديث عن برنامج المائة يوم أو الخمسة أيام، لأنه سيكون برنامجا تليفزيونيا أو إذاعيا، ولن يكون برنامجا حقيقيا من لحم ودم.
لقد مرت أيام على تولى الرئيس السلطة، وتضاعفت حالة الانفلات الأمنى مؤخرا بشكل تجاوز ما كان موجودا قبل انتخابات الرئاسة، ولم يعد يكفى تعليق مشكلة الأمن على شماعات الدولة العميقة. قد يكون انتظار تعيين حكومة جديدة أو الارتباك فى حكومة التسيير، لكن المؤكد أن الانفلات تجاوز كل الحدود، لدرجة أن اللصوص والبلطجية قطعوا كابلات مترو الأنفاق ومنعوا إصلاح الأعطال، ولم يجدوا من يتصدى لهم. وهناك ظاهرة فى مناطق كثيرة يسرق فيها اللصوص كابلات التليفونات والكهرباء علنا، ولا يجد المسؤولون أى تدخلات، فضلا على تحطيم المستشفيات، والنقل العام.
البلطجة أو السرقة بالإكراه لا تتعلق فقط بغياب الأمن، ولكن بهيبة القانون والدولة، وما لم تتم استعادة القانون فلن يعود الأمن الذى لا يعيده فقط تواجد أمنى، لكن أن يشعر المواطن الذى يتعرض للتهديد أو السرقة أنه إذا ذهب للاستعانة بالبوليس فسوف يجد تحركا تجاهه.
والبلطجية واللصوص لا يسرقون أو ينهبون فقط، لكنهم يمثلون تحديا للدولة والقانون بشكل علنى، وهناك حالة من استعراض القوة والاستهانة بالقانون، تتمثل فى سيارات تسير عكس الاتجاه، وميكروباصات بلا تراخيص، وتوك توك يتحدى الجميع. هؤلاء يصنعون سيمفونية الفوضى، وهى التحدى الرئيسى لحكومة هشام قنديل وللرئيس محمد مرسى الذى ما يزال الناس ينتظرون منه أكثر من الخطابات والابتسامات والوعود، لأنهم حتى الآن لم يشعروا بوجود سلطة حقيقية تواجه الانفلات والسرقة واستعراض القوة من اللصوص، وما لم يتم إنهاء حالة الفوضى لا يمكن الحديث عن نظام أو حكومة أو أى شىء آخر.
وعلى الرئيس محمد مرسى أن يسارع بتحديد أولويات النظام، وأن يبدأ فى توجيه الحكومة لاستعادة الأمن، لأنه فى حالة استمرار القانون بلا فاعلية، وعدم القدرة على تأمين الكابلات، فمن الصعب الحديث عن أى برامج.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
رورو
الدولة العميقة لها أنياب ومخالب لازالت تستخدمها
عدد الردود 0
بواسطة:
واحد مفقوع
مافيش حاجة اسمها دولة عميقة فاشلين ومكوشين وبيحل مشكلة غزة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد رمسيس المصرى ضد الاخوان
يادى الدولة العميقة والاشباح والطرف التالت والمجلس العسكرى والفلول ...قرفنا بقى
عدد الردود 0
بواسطة:
راجية
حسبي الله ونعم الوكيل