تبحث كل قرية فى مصر، عن ابن لها يضعها على خريطة الشهرة، كما يحدث الآن مع قرية «العدوة» بلد الرئيس محمد مرسى فى محافظة الشرقية، وإذا كانت العدوة قد حظت بابنها رئيس الجمهورية، فإن قريتى كوم الآطرون محافظة القليوبية، حظت هى الأخرى بجائزة الدولة فى العلوم لابنها البار بها الدكتور سمير إبراهيم غنيم.
انشغلت برامج «التوك شو» فى الأيام الماضية بقضايا السياسية، وكررت وجوها للحديث عنها بفتاوى أصابت الناس بملل، وتجاهلت علماء فازوا بجوائز الدولة، فأضاعت فرصة تقديم وجوه مشرقة للأجيال الجديدة، فى وقت نحتاج فيه إلى رفع شعار بـ«العلم نحقق التقدم».
فاز الدكتور سمير غنيم الأستاذ بكلية علوم الزراعة البيئية بجامعة قناة السويس بجائزته، بعد رحلة عطاء طويلة، شهدت تأسيسه لهذه الكلية قبل ربع قرن بعلاقاته الدولية، حتى أصبحت فريدة من نوعها بمنطقة الشرق الأوسط، مما أهله للفوز بجائزة المنظمة العربية للتنمية الزراعية بجامعة الدول العربية فى مجال الإبداع العلمى عام 2005.
وحين تلقيت خبر فوزه بجائزة الدولة، أعادنى إلى سيرته الأولى، حين كنا صغارا فى مراحل تعليمنا الأولى، حين كنا نسمع من آبائنا حكايات كالأساطير عنه، وبصفته شابا يشق طريقه نحو أرفع درجات العلم أيام كان للعلم مكانة.
وكان الآباء يسربون حكايتهم عن جهده وكده وفخره بكونه ابنا لموظف بسيط شريف، وسيدة بسيطة جليلة لا تكتب ولا تقرأ، لكنها تملك الحكمة كزوجها، وكافحا الاثنان من أجل ولدهم المتفوق علميا، والدائب فى حبهما، والمصر على رد الجميل لهما.
استفاد الدكتور سمير غنيم من مجانية التعليم فى الستينيات من القرن الماضى، التى غمزها الدكتور محمد مرسى بجملته العاصفة «وما أدراك ما السيتنيات»، ورغم أنه أصبح عالما يجوب بلاد الدنيا، ظل يحمل أهله البسطاء فى قلبه، منحازا لهم ومتذكرا جميلهم، ويعطى للآخرين مما أعطاه الله علما ومالا وحبا، فهنيئا لقريتى بابنها البار الذى مازال يرتدى جلبابها، ويتحدث بلغتها، حين يجلس مع أهلها البسطاء، وهنيئا لها لأنها أنجبت عالما، مثلما أنجبت قرية «العدوة» رئيسا، وسلم لى على برامج «التوك شو» التى لا تعرف العلماء.