لا شك أن صدمة الناصريين والقوميين وكثير غيرهم كانت كبيرة عندما سمعوا عبارة الرئيس مرسى "وما أدراك ما الستينيات"، وقد لاحظت شدة انفعالهم فى تعليقاتهم وردودهم على هذه العبارة، وأعتقد أن السبب الرئيسى لصدمتهم ليس هو النيل من الحقبة الناصرية التى تتعرض لهجوم شرس من جهات عدة داخلية وخارجية منذ رحيل الزعيم العربى جمال عبد الناصر حتى الآن، على الرغم من أن الكثيرين يعتبرونها حتى الآن بمثابة "العصر الذهبى" لمصر الحديثة.
ما قاله مرسى من أقل ما قيل فى هذه الحقبة التى لا يتسع المجال هنا لتعديد إنجازاتها على الساحات الداخلية والإقليمية والدولية، ولكن سبب الصدمة من كلمة مرسى أن التيار الناصرى قبل المرحلة الثانية من الانتخابات الرئاسية كان منقسما حول تأييد مرسى أو شفيق ومن يمتنع، ونذكر انتقادات الكثير من الناصريين لموقف الدكتورة هدى عبد الناصر التى رفضت تأييد مرسى وفضلت عليه شفيق، وربما الآن يشعر الكثيرون أنها كانت على حق.
عبارة الرئيس مرسى لا يمكن التعامل معها على أنها شىء عفوى عابر، بل يبدو أنه مُلقَّن عليها منذ زمن، خاصة أن مرسى لم يكن عضواً فى جماعة الإخوان فى الستينيات، ولم يلتحق بها إلا بعد وفاة عبد الناصر بنحو عشر سنوات، ومن الاطلاع على سيرة حياته الذاتية، والمسجلة على الإنترنت ومن خلال أحاديث إخوانه وأقاربه وأصدقائه، سمعنا شقيقه "سيد مرسى"، وهو يصف عهد ما قبل ثورة يوليو عام 1952 بعهد الاستبداد والعبودية، ويقول لمذيعة قناة الحياة "لبنى عسل" إن أسرتهم عاشت فى قرية العدوة بمحافظة الشرقية على فدانين من الأرض أعطاهما لهم جمال عبد الناصر، وهذا يعنى، دون شك، أن الرئيس مرسى مثله مثل الملايين، نعموا بمجانية التعليم وبقوانين الإصلاح الزراعى التى وضعها عبد الناصر، ولا يستطيع مرسى أن ينكر ذلك، وشهادة شقيقه والآخرين موجودة على النت.
عبارة مرسى "وما أدراك ما الستينيات" تلقنها فى دهاليز جماعة الإخوان فاقتنع بها وتنكر لماضيه ونشأته فى عهد عبد الناصر، وجاءت العبارة غريبة وسط خطب الشعارات الرنانة التى بدأ بها مرسى رئاسته، والتى لم يستثن فيها أحدا من مجاملاته التى وزعها شرقا وغربا سوى عهد عبد الناصر الذى خصه بالهجوم والذم، كما أن هذه العبارة جاءت غير مناسبة للتوقيت والظروف على الإطلاق، خاصة بعد نتيجة المرحلة الأولى للانتخابات الرئاسية التى حقق فيها المرشح الناصرى حمدين صباحى مفاجأة كبيرة، دون أى دعم من جماعات أو أحزاب أو دول أو مؤسسات، ولم ينفق على حملته ولا واحد فى المائة مما أنفق مرسى أو شفيق.
ألم يكن أجدر بالرئيس مرسى، وهو فى مرحلة التودد والتطمين ولم الشمل، أن يجامل الملايين الذى صوتوا للمرشح الناصرى، وألا يغضبهم ويستعديهم، وهو الذى جامل بضعة مئات أو آلاف من فئات مختلفة، أم أن سائقى "التُكتُك" أهم عنده بكثير من خمسة ملايين ناصرى وقومى ويسارى وثورى ومثقف وفنان وغيرهم ممن أيدوا حمدين صباحى ودعموا حملته الانتخابية من جيوبهم الخاوية.
كم أود أن أعرف رأى نائب المرشد "خيرت الشاطر"، فى عبارة "وما أدراك ما الستينيات"، خاصة أن نشأة الشاطر لا تختلف كثيراً عن نشأة مرسى، وتمتع مثله بمجانية التعليم، وأكثر من ذلك كان الشاطر فى الستينات قيادة اشتراكية بارزة فى التنظيمات الناصرية الشبابية، ولم يعرف الإخوان إلا فى التوقيت الذى عرفهم فيه مرسى، ترى هل سيتنكر الشاطر أيضا لماضيه ونشأته وفكره ومبادئه السابقة؟.
أيا كان الأمر، فقد فتح مرسى على نفسه، عن قصد أو بدون قصد، بابا كان على وشك أن يغلق للأبد، بعد أن رفع الكثير من الناصريين فى المرحلة الثانية من انتخابات الرئاسة شعار "فلننس الماضى ولننظر إلى المستقبل"، ولا أعتقد أن الأمر سيمر بسهولة، إلا إذا قدم الرئيس مرسى اعتذاراً علنياً، وسعى بصدق للتخلص من عباءة الإخوان بكل بطونها وأفكارها القديمة.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
سامي كامل
لولا ناصر لكنا افضل من اليابان
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد الصعيدى
ناصر ما عليه قبل ما له
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد الصعيدى
ناصر ما عليه قبل ما له
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود
لولا ناصر ماحصل مرسى على شهادة محو الامية
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود شرشر
الحقيقه
عدد الردود 0
بواسطة:
طه شلبى
نكسة الستينات
يكفيكم نكسة الصنم ووكسة عباده 1967 لكى تصمتوا
عدد الردود 0
بواسطة:
د. طارق سليم
بل لولا الإخوان لما كان ناصر رئيسا
عدد الردود 0
بواسطة:
أبو معاذ الشبراوى
وما أدراك ما عبد الناصر
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد
وما ادراك ما امريكا
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد
من يعتذر لمن