هناك ما يبعث على الاستفزاز والاشمئزاز فى آن واحد، فيما يتعلق بالجدل الذى يدفع به بعض الرموز السلفية فى مسألة شغل شخصية قبطية لمنصب نائب رئيس الجمهورية، وهو الوعد الذى قطعه على نفسه الدكتور محمد مرسى فى دعايته الانتخابية لرئاسة الجمهورية، وأصبح مطالبا بتنفيذه بعد انتخابه، لكن يبدو أن هناك من يريد أن يضع الرئيس مرسى فى خانة الطائفية، بالرغم من أنه رئيس لكل المصريين.
فمنذ أيام تتواصل تصريحات الدكتور ياسر البرهامى نائب رئيس الدعوة السلفية وعضو الجمعية التأسيسية للدستور حول هذه القضية، مشيراً فيها إلى أن تعيين نائب قبطى للرئيس لا يجوز شرعاً، وأنها «خطوة تعمق الطائفية»، وغنى عن القول والفهم أن رأيه هو الذى يعمق الطائفية وليس العكس، فحين يرى الأقباط أن هناك من يشهر فى وجههم سلاح الفتاوى الدينية طبقاً لقراءته الخاصة، وليس قراءة متفق عليها بين علماء الدين كافة، سيشعرون على الفور أنهم يعيشون غرباء فى بلدهم، وأن هناك من لا يريد معاملتهم وفقا لمبدأ المواطنة، وإنما باعتبارهم أقلية لها بعض الحقوق وليس كلها التى تحصل عليها الأغلبية، ويؤدى ذلك بالطبع إلى احتقان طائفى يدمر المجتمع، ولن يقلل من ذلك القول بأن الشريعة الإسلامية تحمى الأقباط، فعلى الرغم من أن هذا صحيح، إلا أن قيمته المثلى والتى نحتاج إليها هى اقتناع الأقباط أنفسهم بهذا الرأى، وليس اقتناع المسلمين لأنهم مقتنعون بالفعل، لكن تصدير آراء مثل التى يذكرها البرهامى، تضع الأقباط فى مواجهة مباشرة مع الشريعة ومقاصدها الصحيحة، ليس بسبب الشريعة السمحة، وإنما بسبب بعض من نصبوا أنفسهم أولياء عليها.
لا تحتاج مصر إلى هذه النوعية من الفتاوى التى تدغدغ مشاعر بعض العامة، والمثير أنها تأتى فى نفس التوقيت الذى يشن فيه بعض قادة حزب النور معركة ضد الأزهر الشريف بسبب المادة الثانية للدستور، والتى وصلت إلى حد اتهام الدكتور يونس مخيون عضو اللجنة العليا للحزب وعضو الجمعية التأسيسية للدستور، بأن الأزهر «لا يدافع عن شرع الله»، وذلك لأن الأزهر تمسك بنص المادة، دون تعديل على كلمة «مبادئ» الشريعة الإسلامية، فهل يجوز اتهام الأزهر بمثل هذا الاتهام لأنه لا يوافق رأى «النور»؟