لعل السؤال الأكثر إلحاحاً عن الجماهير المصرية هو: متى نحس أن الرئيس قد خلع بالفعل عباءة الإخوان المسلمين؟!، لقد سمعنا خطاب الرئيس فى أعقاب نجاحه فى الانتخابات كأول رئيس مدنى منتخب.. وسمعنا بعده ثلاثة خطابات محددة ومركزة وحاسمة، أكد فيها جميعاً أن مصر ستكون دولة مدنية، وما أكد ذلك ودشنه شجاعته فى التخلى عن رئاسة حزب الحرية والعدالة، ثم خروجه من الحزب لكى يكون حراً لكل المصريين بكل طوائفهم وانتماءاتهم وتوجهاتهم.. وحتى لا يعيد مأساة عهد أطاح بمصر ثلاثين عاماً، أصر خلالها الرئيس السابق حسنى مبارك أن يكون رئيساً للحزب الوطنى المنحل حتى آخر لحظة فى حكمه.. لم يتنازل عن رئاسة الحزب بل كان يرى أن هذا الحزب هو مصر أمامه، ولعل هذه كانت السقطة التى جاءت بنهايته.. لأن الناس أحست أنه لم يعد لهم جميعاً، ولكنه صار رئيساً للحزب الوطنى ورجاله فقط.. اليوم ونحن نعيش هذا الإنجاز التاريخى البارع باختيار أول رئيس مدنى منتخب.
نريد أن يتوج هذا الإنجاز ملامح ومؤشرات ومعطيات وتأكيدات، لعل أولها ما قلناه عن خلع الرئيس مرسى رئاسة الحزب، أما ثانى الإنجازات فهو إنشاء مؤسسة للتظلمات تنتشر فى كل أنحاء مصر.. وتحتوى مطالب الناس ومظالمهم فقد كفانا المطالب الفئوية التى انتشرت وتحولت من ميدان التحرير إلى مبنى مجلس الشعب إلى ماسبيرو ثم أخيراً أمام القصر الجمهورى وهو أمر غير مسبوق.. وأنا أعتبر أن هذه الخطوة رائدة لأنها تبشر بدولة مدنية حقاً، وليست مجرد شعارات مرفوعة.
أحس فعلاً أن الرئيس مرسى قد بدأ يدشن حقاً الدولة المدنية واقعاً فوق الأرض وليس مجرد كلام.. وكلنا كان يسأل: هل صحيح أن مصر ستكون دولة مدنية؟!، وهل سيسكت الإخوان المسلمون؟! الحقيقة أننى أرى الموضوع أكبر من ذلك، لأن الإخوان المسلمين يريدون دولة ناجحة ويؤجلون بعض الحلول ويضعون أولويات ولا أرى أن من مفرداتهم التعنت خاصة مع الشعب المصرى والذين هم جزء منه.. ولهذا فأنا لا أستبعد أن يخلع الرئيس الدكتور محمد مرسى عباءة الإخوان المسلمين.. ولكننا نريد منه التأكيد فهو لا يحب المواربة وكل كلامه مباشر وصريح، وهو رئيسنا المنتخب الذى علينا له كل التقدير والاحترام، فقد جاء من خلال صناديق الانتخابات شامخاً بعد أن أحسسنا أن يحمل كل مشاكلنا ويعبر عنا جميعاً، ولهذا فلابد أن نعطيه الفرصة كاملة، لأن خطابه مؤشر عشت فيه وتأثرت وانفعلت به.. فهل انفعالى صحيح ويتحقق.. وهل بالفعل عند أجندة الرئيس شكل واضح للدولة المدنية الحديثة؟!، أنا أحس ذلك.
وأعرف أن دراسته الأكاديمية ستؤهله لأن يحقق ذلك، وتنتهى مع هذه التأكيدات عشرات المخاوف عند الناس والشائعات، فقد تأكدت خلال أيام قليلة، أن أغلب الشائعات والأقاويل ما هى إلا أكاذيب، فقد زعموا أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة لن يسلم السلطة للرئيس المنتخب، ورغم تصاعد هذا الهراء فقد حدث هذا الانتقال بكل هدوء واحترام للطرفين وتقدير للطرفين لأنه ببساطة الطرفان واحد وليس اثنين.
والهواجس للأسف لا تزال تتصاعد بل هى مستمرة.. ونحتاج فقط إلى تأكيد ووصول إلى قناعة واضحة أن الرئيس مرسى قد خلع عباءة الإخوان!!.