تعجز الكلمات عن التعبير عما حدث فى رفح، الغضب والحنق والقرف، كلها كلمات تدلل فداحة الجرم وبشاعة الحدث، فى مساء السبت الماضى كان معى الممثل القدير أحمد راتب على إحدى الفضائيات، وكنا نتكلم فى مسلسلات رمضان وفتاوى بعض المتطرفين وكلام المرشد العام للإخوان المسلمين، أن المسلسلات إهدار لمشروع التقوى وفجأة انفعل راتب وقال كلاماً جعله هدفاً لهجوم جيش الإخوان الإلكترونى على الفيس بوك، قال: إن المرشد هو الذى يحكم مصر وإن جماعة الإخوان تريد تفكيك مفاصل الدولة لأن غايتها ليس مصر، فمصر بالنسبة لها سلم، وأضاف أن كل رئيس يتخذ من مصر سلماً لتحقيق أهداف أخرى تحت اسم الدولة القومية أو الإسلامية هو فاشل، وهاجم راتب عبد الناصر بشدة، وهاجم الإخوان وقال فى نهاية كلامه إن ما حدث فى سيناء وترك الحدود مفتوحة لحماس سيؤدى إلى هلاك لمصر، ولم تمض ساعات على كلامه وعلى هجوم الجيش الإلكترونى الإخوانى عليه، حتى حدث ما حدث وكأنه كان يقول نبوءة، هل كان لابد أن يسقط 16 شهيداً و7 مصابين لنعرف أن سيناء انفرط عقدها ومهددة بالانفجار كل عدة أيام من شبكات الإرهابيين الجدد، لقد كتبنا مراراً وحذرنا منذ ثورة يناير عن تسلل هذه الجماعات الإرهابية وتمكنها من بقاع سيناء وجبالها وكهوفها، وقد كتبت فى هذه المساحة عن صور الملثمين الذين خرجوا من البحر وحاصروا قسم شرطة العريش لمدة 18 ساعة وضربوه بالـ«آر. بى. جى» ومدافع الهاون، وهذا المشهد كان كفيلاً بزلزلة أركان الدولة والمجلس العسكرى، ولكن أحداً لم يتحرك، على الجانب الآخر كانت إسرائيل تطلق مهرجاناً من الشماتة والتحذير وينشر ويذيع إعلامها أن سيناء خارج سيطرة الدولة المصرية، وتنشر صحيفة يديعوت أحرونوت منذ ستة أشهر تقريباً تقريراً يقول بالنص إن سيناء فيها عشرات الجماعات الأصولية الإرهابية، وأن كل جماعة لا تقل عن خمسمائة فرد، وأنهم مسلحون بكل أنواع الأسلحة الثقيلة والعتاد الحربى الذى لا يستخدم إلا فى الحروب وبين الجيوش العسكرية، وأن الوضع إذا استمر على ما هو عليه فلن يكون أمامها إلا احتلال سيناء لضمان أمنها، بل نشرت تقارير الأسبوع الماضى تقول إن جيش الدفاع خصص 30 مليار دولار لتحقيق هذا الهدف، ومن العجيب أن البرلمان اليهودى الأوروبى الذى انطلق منذ شهور موازياً للبرلمان الأوروبى وضع على قمة أجندته واجتماعه الشهر الماضى موضوع أمن إسرائيل ضد الجماعات الإسلامية الإرهابية الساكنة فى سيناء، وتناولت كل الدنيا هذا الخبر ونحن نيام وفى سبات، وعندما ظهرت عربات الراند كروزر فى منطقة الشيخ زويد وعليها الملثمون يمشطون الشوارع ويضعون على السيارات مدافع «الهاون» والـ«آر. بى. جى» ويطلقون القذائف فى الهواء استعراضاً للقوة، لم يتحرك أحد من الدولة أو الحكومة، وعندما كان يجيب محافظ سيناء الشمالية على سؤال أحد الصحفيين حول ما يحدث كان يجيب بنفس الكلمات المثلجة السخيفة على طريقة مسؤولى النظام السابق «كله تمام»، وسيناء تحت السيطرة، هل الآن أنها ليست تحت السيطرة أم أننا فى نكبة حقيقية؟ ثم ماذا يعنى أن يطلع علينا المتحدث باسم الرئاسة ليقول إن شهداء سيناء سيتم مساواتهم بشهداء ثورة يناير، ومع احترامى وتقديرى لشهداء ثورة يناير فإن المساواة هنا غير واجبة ولا مستحقة، لأن شهيد الحرب الذى يحمل السلاح دفاعاً عن الحدود وفى مواجهة عدو واضح ومحدد أرفع منزلة ومقاماً وهم شهداء بنص القرآن خصوصاً أنهم كانوا صائمين ويتناولون طعام الإفطار وهوجموا وقت أذان المغرب وهو ما يجعلنا نتساءل هل الذين هاجموهم مسلمون مؤمنون وموحدون بالله؟ وأين دعاة الفضائيات، وأين الذين أفرج عنهم الرئيس من آباء هؤلاء الذين استحلوا دماء المسلمين مما حد ث ويحدث وسوف يحدث؟ سلمت يا مصر الكنانة وسلم جيشك العظيم.