هل كان صراعاً على السلطة بين الرئيس وجماعته والمشير ومجلسه؟
ردود الأفعال المتوالية منذ صدور قرارات إحالة المشير طنطاوى والفريق سامى عنان للتقاعد وقادة القوات البحرية والجوية والدفاع الجوى وإلغاء الإعلان الدستورى المكمل تحاول تفسير ما حدث بأنه كان صراعا حسمه مرسى للانفراد بالسلطة والهيمنة على جميع سلطات الدولة التنفيذية والتشريعية فى سابقة لم تحدث فى مصر منذ الخديوى سعيد (1822-1863م) وصاحب مقولة: «أمة جاهلة أساس قيادة من أمة متعلمة». أنصار الرئيس الذين صدرت لهم التعليمات بالخروج جماعات فى توقيت واحد لتأييد القرارات أرادوا تصوير المشهد على أنه «ضربة معلم» و«قرارات ثورية» واستدعاء صورة البطل والزعيم والفارس الذى يهزم أعداءه بضربة سيف واحدة من الذاكرة الشعبية المصرية التى اعتادت على أساطير الصراع الدائم بين الخير والشر داخل السلطة وخارجها، والغرق فى حالة الغموض التى تحيط عادة بالقصر ورجاله وقواده، وربما الحالة الأقرب فى تاريخ الصراع السياسى المصرى على السلطة هو ما قام به الرئيس الراحل أنور السادات فى مايو 1971 ضد رجال عبدالناصر، وللمفارقة أيضاً أطيح بوزير الدفاع -الحربية حينئذ- الفريق محمد فوزى مع عدد من الوزراء وكبار المسؤوليين، وخرجت أيضاً مظاهرات التأييد لدعم السادات الذى اعتبر قراراته وحسمه الصراع على السلطة بمثابة «ثورة التصحيح» لمسار ثورة يوليو.
فهل تصب قرارات مرسى الأخيرة فى خانة الصراع على السلطة مع المجلس العسكرى والمشير وعنان ومقارنتها بما فعله السادات؟ وهل كان يستطيع الرئيس اتخاذ مثل هذه الإجراءات «الثورية» دون رغبة وتوافق وتشاور وتنسيق مع الطرف الآخر؟ وما أوراق القوة الفعلية على أرض الواقع التى يمتلكها الرئيس فى مواجهة الجيش إذا اعتبرنا أن هناك صراعا من الأساس؟ وهل هى الصفقة من أجل الخروج الآمن؟ ولماذا كل هذه الضجة والاحتفال المبالغ فيه والدعوة لمليونية؟ لا اجتهاد فى الإجابة عن كل هذه التساؤلات، فالصراع لم يكن له أساس والتوافق والاتفاق والتشاور والتراضى كان وراء التغييرات، والجيش المصرى وقادته لا ينقلبون على رؤساءهم، والمشير أبدى رغبته منذ فترة للتقاعد، وكلام الرئيس مرسى فى الاحتفال بليلة القدر يسير فى ذات الاتجاه، ويؤكد أن التغيير وقرارات الإحالة للتقاعد «أمر طبيعى» وليس موجها ضد شخص أو مؤسسة، بل إنه كرّم المشير وعنان ومنحهما الأوسمة الرفيعة تقديراً لهما ولدورهما الوطنى فى حماية الثورة.
ملخص المشهد فى النهاية أن السلطة قد دانت للرئيس والناس فى انتظار تحقيق مطالبها واحتياجاتها فى خطة المائة يوم على الأقل.