انفلات أمنى.. انفلات مرورى.. بلطجة تستشرى.. مخدرات فى كل شارع.. الواسطة فى كل هيئة.. هذه ليست الأحوال فى شيكاغو أو فى مصر قبل الثورة.. بل هى الأحوال اليومية فى دولة قامت فيها ثورة تطالب بالأمن والأمان والكرامة والعدالة.. إنها الأحوال فى مصر.
معظم السلبيات، التى ذكرتها مرتبطة ارتباطا مباشرا بالشرطة التى كانت شرارة الثورة.. وأقصد هنا أن ما كانت تمارسه ضد الشعب هو ما دفع الشباب للثورة.. فلم تصل وأظن أنه لن تصل الثورة أو أى من رياحها الطيبة إلى الشرطة.
لست مبالغًا فيما أقول.. ولست مأجورًا .. ولا أريد أن أسقط هيبة الدولة أو أى من الأهداف المعلبة، التى تصدر لكل من يقول رأيه بكل أمانة.. نعم.. الشرطة تستطيع ولكنها لا تريد!
مستعد لأن أدلل على ما أقول.. أعيش فى حى شعبى.. عندما يأتى الليل ينتشر الشباب على نواصى الحارات لا ليحتفلوا معا بالأجواء الرمضانية، بل ليبيعوا لبعضهم البعض البانجو والحشيش.. تجد ليل نهار وأنت تدخل إلى الحى الذى أعيش فيه البلطجية، الذين تحولوا إلى باعة فاكهة وخضراوات ملأوا الطرقات التى ليس من حقهم أن يجلسوا فيها.. ليس هذا فحسب.. بل إنهم مارسوا ويمارسون بلطجتهم على من يشترى منهم ومن لا يشترى منهم.
تسألنى.. وما علاقة الشرطة بهذا؟؟ لا هناك علاقة وثيقة.. انتظرنى واصبر على.
فى يوم كنت ذاهبًا إلى عملى فوجدت أن الطرقات التى طالما تعثرت فيها وأنا عائد إلى منزلى ليلا قد نظفت من مخلفات الباعة بل إنها أخليت من الباعة أنفسهم.. ووجدت أن رجال الشرطة، الذين يستطيعون ولكنهم الآن لا يريدون، قد استطاعوا أن يبثوا شيئًا من الأمان فى نفسى ونفس جيرانى.. واستمرت هذه الحال لأيام.. أخرج من بيتى إلى أن أستقل السيارة، التى توصلنى إلى عملى دون أن أرى بلطجة.. لا أرى سوى رجال شرطة ومجندين اصطفوا على جانبى الطريق لمنع إعادة وضع يد البلطجية على مدخل الحى.. ظننت وقتها أن محافظة الجيزة، التى تضم الحى قد بث فيها ريح الشباب الذى صرخ أيام الثورة وقالوا للفساد: "ارحل".. إلا أننى لم ألبث أن أحبط مرة أخرى.
بدأت الأمور تعود مرة أخرى.. الباعة عادوا.. وسائقو "التوك توك" عادوا ليسدوا الطريق من جديد.. ليس هذا المشهد فى غياب الشرطة بل فى وجود قيادات الشرطة.
"أرض اللواء".. تلك المنطقة التى يفصلها عن حى المهندسين الراقى شارع السودان.. مرتع للبلطجة.. للفردة.. للمخدرات.. أعطيك أسماء الشوارع حتى تستطيع الوصول إلى الأماكن، التى طالما نشبت فيها مشاجرات بين باعة المخدرات وبعضهم البعض بسبب الخلاف على من سيبيع منتجاته المذهبة للعقول فى تلك الحارة أو ذلك الشارع.. شارع مرسى محمود.. شارع عبد ربه الشيمى.. شارع سلامة الراضى.. وإن شئت سردت لك أوكار هؤلاء البلطجية وباعة المخدرات.
ظننت أن الأمر توقف على الحى الذى أعيش فيه حتى ذهبت منذ أيام إلى قسم شرطة الدقى.. نعم الدقى.. المنطقة الإدارية والسكنية الراقية.. وقفت فى الطابور مثل الباقين لعمل صحيفة الأحوال الجنائية "الفيش".. متلذذ بالشمس، التى حرقتنا إلا أنى أشعر بالمساواة الكل سواسية.. أمين الشرطة يقف على الباب.. يجمع البطاقات الشخصية.. يحاول أن يساوى بيننا.. حتى جاءه آخر يقول له: "الراجل ده تبع أحمد بيه وله فيش عاوز يعمله"، وأدخله من بين الصفوف وكأننا قبل الثورة.. أتمنى أن يصل البلاغ إلى المسئولين ليحاولوا تحسين صورة رجل الشرطة، الذى طالما دافع عن مصر.. وآخرهم الضابط الذى خلع ملابسه ليدافع عن فندق "نايل سيتى" ضد بلطجية رملة بولاق.. ليت رجال الشرطة جميعهم مثل هذا الضابط.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
هشام السيد
بلاغ رسمي
عدد الردود 0
بواسطة:
abeik
بالأدب
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد سعد خسكية
صدقت ياجمعة