مع كل فتنة تتعلق شرارة نارها بثوب هذا الوطن، تخرج نفس الكلمات من الأفواه. بعض الكلمات تداعب المشاعر وبعضها يرقص على أحبال المصلحة، وبعضها يلعب دور طبيب التجميل الذى يسعى لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، أما الواقع فلا يحتاج سوى لكلمات تنتمى لهذا النوع التالى..
لا شىء قد يصلح للخلاص من بعبع الفتنة الطائفية الذى يطل علينا كل شوية، ويزرع فى قلوبنا خوفا ورعبا، سوى الحرق بجاز، ويفضل أن يكون «وسخ» أو «غير نظيف» إن كانت تلك الكلمة العامية لا تعجبك، نجمع كل الذين تثبت مشاركتهم فى إشعال الفتنة من الطرفين المسلم والمسيحى، سواء بالتحريض أو العنف ونضعهم فى حفرة كبيرة ونولع فيهم، لعل تلك النار تطهر قلوبهم مما علق بها من شوائب التعصب والتخلف.
أعلم جيدا أن فكرة الحرق هذه قاسية وبشعة وغير إنسانية بالمرة، ولكنهم يستحقونها. الذين يحرقون الوطن بتعصبهم وتطرفهم يستحقون الحرق، الذين تهون عليهم العشرة والتاريخ المشترك كما حدث فى دهشور التى اشتعلت بسبب قميص يرتديه مسلم أفسده مكوجى مسيحى.. مثل هؤلاء يستحقون الحرق بجاز أسود من السواد الذى يعشش فى أرواحهم.
هل يمكن أن أكون رؤوفاً أو إنسانياً مع هؤلاء الذين طحنوا بعضهم وأسالوا دماء بعضهم، مواطن تافه جعل من قميصه شرفا للإسلام، ومكوجى فاشل حوّل لومه على فشله إلى نوع من أنواع الاضطهاد؟ هل يمكن أن أكون هيّن الكلمات، وأنا أكتب عن وحوش يسهل عليها حصد الأرواح والتخريب والتدمير بسبب «مومس» مسيحية نامت مع مسلم أو العكس؟، هل يمكن أن أكون منطقيا إذا طالبت بشىء غير الحرق لهؤلاء الذين يستغلون الدين لإشباع شهواتهم المتطرفة، وأنا أثق تماما فى أنهم لايزورون الكنيسة ولا يسجدون فى الجامع؟
ليس هذا موضع الرحمة إن شئنا الخير لهذا البلد، العبرة هنا فى الحل الذى يخمد الفتنة للأبد، عقاب سريع وحاسم وحازم وصارم لكل من يشارك فى إيقاظ الفتنة على طريقة ما يحدث فى دهشور، عقاب واحد يفرض من فرط قسوته على الجميع التفكير ألف مرة قبل أن يفكر أحدهم فى أن يرفع يده على إخيه فى الوطن بسبب سور كنيسة أو غيره، عقاب قوى لا يلين أمام حسابات التهدئة وتدخلات السياسة.. هذا هو الحل السريع لوأد الفتنة. صحيح أن العقل يقول إن الفتنة لن تموت إلا إذا ساد مصر خطاب دينى جديد مستنير ومحترم، ولكن لن يسود مثل هذا الخطاب، ولن يجد فرصة للانتشار إلا إذا سبقه عقاب صادم يلفت الأنظار لخطورة الجريمة ووحشيتها.
اعترفوا بالأزمة ياسادة.. اعترفوا بالخطر الذى يحيط بمصر حتى تقتنعوا بضرورة قسوة العقاب، لا تفعلوا مثل الدولة أو المؤسسة الدينية الإسلامية أو المؤسسة الدينية المسيحية وتنفوا وجود الأزمة بقبلات مصورة وأحضان غير صادقة، اعترفوا أن هناك أزمة ترقد تحت رمادها فتنة طائفية غاضبة وكارهة تنتظر شرارة الاندلاع، أزمة تسجلها ميكروفونات المساجد التى تعلو أصوات الخاطبين فيها بالدعاء على النصارى، وتكفير غير المسلمين، مع أن الداعى يعلم يقينا أنه بالشقة التى تعلو المسجد هناك أسرة مسيحية تسكن. أزمة تسجلها تلك العظات التى تتضمن المزيد من الغمز واللمز فى حق المسلمين كما تتضمن نفس عبارات التكفير لهم.. يخرج المسلم من مسجده بعد أن صب لعناته على النصارى الكفرة، ويخرج المسيحى من كنيسته بعد أن صب لعنات غضبه على المسلمين الكفرة، ويلتقيا على جانب الطريق أو على باب المنزل ليتحدثا بتلك الحواديت عن الوحدة الوطنية وخلافه، وكأن شيئا لم يكن، وتظل البطون مغلقة على ما بها من «قىء» طائفى حتى تظهر شرارة واحدة، فتنفجر البطون بما فيها من غضب وكراهية، مثلما حدث فى مطروح، ومن قبلها فى الكشح والإسكندرية ومثلما سيحدث قريبا فى أى بقعة من بقاع المحروسة.. اعترفوا بالأزمة، وعاقبوا مشعلى الفتنة بقسوة، ولا تأخذكم بهم رحمة أو شفقة، وإلا فسوف يأتى يوم أقرب مما تتخيلون لتأكلنا جميعا نار فتنة موقدة!
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
اسامه
مقال رائع
عدد الردود 0
بواسطة:
سمير ابراهيم
التقسيم هو الحل الوحيد
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرى حتى النخاع
فتنة طائفية مفتعلة
عدد الردود 0
بواسطة:
يحيي رسلان
الاخوان والسلفية ابرياء
عدد الردود 0
بواسطة:
اسماء
اشكرك