إبراهيم داود

خوسيه موخيا

الإثنين، 20 أغسطس 2012 04:04 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لن تتوقف البشرية عن الإبداع مهما حاولت الرأسمالية فرض هيمنتها على مستقبل البشر، ومهما حاول رجال الدين والقانون، وصندوق البنك والبنك الدوليان، لن تتوقف عن إنتاج نماذج خلاقة خلقها الله لتقريب المسافة بين العدل والعدالة، خوسيه موخيا رئيس أورجواى تعبير صادق عن الأشواق البسيطة الساذجة العظيمة، يلعب من خلال بلده الصغير دور البطولة الممكنة فى زمن تجاوز زمن القبيلة.

لم يقدم نفسه منذ انتخابه مطلع 2010، على أنه الشخص الذى سجن 13 عاما، ولا أنه أصيب أكثر من مرة فى المعارك التى خاضها ضد الديكتاتورية منذ مطلع الستينيات، لم يستند إلى الماضى وسحر بلاغته، ولم يقدم خطابا شعبويا يضحك به على البسطاء، هو رجل بسيط، يشترى احتياجات بيته بنفسه، يقود سيارته بنفسه، ولا يوجد له رصيد فى بنك محلى أو سويسرى أو فى جزر الباهاما، صنفته مجلة فوربيس الأمريكية بأنه أفقر رئيس فى العالم، رغم أن متوسط دخل الفرد فى بلده 12600 دولار «وترتيبه 48 عالميا»، وهو يحلف اليمين قدم للشعب ذمته المالية «سيارة فولكس فاجن «بيتلز» موديل 87 قدر ثمنها بـ1900 دولار، مزرعة صغيرة يعيش فيها هو وزوجته، راتبه كرئيس لدولة تمثل هى وشيلى «وفقا لمنظمة الشفافية الدولية» الأقل فسادا فى أمريكا اللاتينية 12 ألفا و500 دولار شهريا، تبرع بـ%87 منه لمشاريع السكن وتمويل المشروعات الصغيرة، واكتفى بـ1250 دولارا، قال إنها تكفى، لأن هناك من يحصلون على مبلغ أقل، هو أحد أعضاء جبهة التحرير الوطنية المعروفة باسم «التوباماروس»، وهو تنظيم سرى مسلح أنشئ سنة 63، استهدف العمل على تهيئة الظروف لتحقيق الاشتراكية، وتعرض لقمع شديد، خصوصا فى 1972 على يد الجيش، وبعد أن اشتكت الحكومات اليمينية المدعومة من الولايات المتحدة، فى 1971 انضم التنظيم للجبهة العريضة التى ضمت 18 حزبا يساريا.

ونجح فاسكويز فى 2004 ليضع اليسار الجديد يده على الحكم، ويشغل خوسيه موخيا وزير الزراعة فى بلد يقوم اقتصاده على الزراعة، ويتجاوز مع رئيسه الأزمة الاقتصادية العنيفة وتسدد أورجواى فى 2006 المليارات التى اقترضتها من البنك الدولى، كان منافسه المحافظ لويس كاى يستخدم الدعاية اليمينية المعروفة ضده، وهى أنه شيوعى، رد سجون، خارج على القانون، سيقوم بتطفيش المستثمرين، سيلجأ إلى التأميم، ومع هذا نجح، لأنه قريب من الناس ويعيش مثلهم، منع الإعلام من ملاحقته، هو لا يريد أن يكون خطيبا مفوها، هو يريد أن يرتفع بمستوى ثلاثة ملايين ونصف مواطن، يعيشون فى مكان طقسه جميل بين البرازيل والأرجنتين، لا يرتدى رابطة عنق، فقط بنطال جينز ومعه ثياب متقشفة، قرر فى الأيام الأخيرة تخصيص بعض أجنحة القصر الرئاسى «كاسا سواريث» فى العاصمة مونتفيديو لاحتضان المشردين الذين سيحاصرهم الشتاء المقبل، جاء قراره بعد أن تأكد أن بيوت الإيواء لن تكفى، وقبل ثلاثة شهور احتضن امرأة وأولادها الذين لا مأوى لهم فى القصر الرئاسى إلى أن وجدت المصالح الاجتماعية لهم مأوى، هو يستخدم جزءا صغيرا من القصر للأمور البروتوكولية، موخيا الذى ولد سنة 1935 هو تطور طبيعى للأفكار الإنسانية العظيمة، شهد كل التحولات، ولكن انحيازه للبسطاء وللقيم النبيلة دفعه فى عز انتصار الرأسمالية أن يقدم نموذجا معاصرا للحاكم العادل، المؤمن بالديمقراطية، المنفتح على إنجازات الآخرين، لم يقل إن الاشتراكية هى الحل، ولم يستعن بالشطار ولا البرنسات ولا السيوف، ولا حشد الأنصار فى أتوبيسات، كل ما فعله أنه انحاز للفقراء.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة