لغه التصوف ذات أغوار بعيدة ورموز التصوف أغوارها أعمق وأفعال المتصوفة بسيطة ومركبة فى آن واحد، وقد تبدو لكثير من الناس مليئة بالغموض والغرابة فى نفس الوقت.. أهل التصوف هم رجال الحقيقة التى يقوم عليها الوجود، وعلاقتهم تقوم على الحب لله سبحانه وتعالى ولرسوله، عليه الصلاة والسلام، ولأهل بيت رسول الله، عليه الصلاة والسلام، وعلى حب أولياء الله جميعا، وفى مقدمتهم الشيخ العالم.. والاصطفاء أو الاختيار يكون من قبل السماء للعبد أو للمريد فيلتقى بالشيخ المعلم روحا أو يقظة، فتلتقى الأرواح والقلوب على حب الله سبحانه وتعالى وتبدأ المسيرة نحو عالم الأنوار والجمال، أما الشيخ المعلم الذى يتمتع بالنورانية وبالشفافية فقلبه قد امتلاء بأنوار السماء وبالحب للذات المقدسة وللإنسان الكامل، أى رسول الله، عليه الصلاة والسلام، فيقود المريد بالحب وبالرفق معا نحو المبادئ الفعلية والسلوكية لطريق الحقيقة لكى ينير العلى القدير سبحانه وتعالى باطنه بأنواره القدسية فتنجلى بصيرته فيزداد حبا لخالق الأكوان وخالق الإنسان ويزداد حبا فى الشيخ المعلم ويزداد حبا فى الإنسان الكامل سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، ويهيم عشقا بالإله العظيم.
فى المسلسل التليفزبونى «الخواجة عبدالقادر» استطاع المؤلف الأستاذ عبدالرحيم كمال بفهم واضح للتصوف أن يظهر أن اختيار عبدالقادر كان سابقا على سلوكه طريق التصوف والإسلام، فقد رأى الشيخ المعلم عدة مرات فى الرؤيا وهو فى قمة اليأس وشعوره بالغربة وضياع المعنى من الحياة كلها، وفى كل رؤيا كان الشيخ المعلم يقول له إن الحياة أكبر وأغلى من أن تهدر، وأن وجود الإنسان ليس عبثا، ثم كان اللقاء بينهما فى مجتمع شيد على الفطرة وطهارة الباطن، فأصبح يحضر حضرات الذكر وشرب منها ما أسكره بخمر الحب الإهى ونال صفاء السريرة، وحدث فى بداية مشواره صدام مع المكر السيئ والرغبة فى النفوذ المادى ذى البريق الرخيص المضلل، وانتصر صدق عبدالقادر على غريمه الشيطانى.
ثم انتقل بنا المؤلف إلى مستوى أعلى فى المواجهة بين نور الباطن وطهره وبين الكذب والنفاق وشهوة التملك والغرور والسكر بحب المال ممثلا فى «عبدالظاهر» الذى عبد كل ما هو ظاهر وسطحى وزائل، لقد حدث الصدام بين العابد للظاهر وبين العابد للقادر، وكانت قمة الصدام عندما قال العابد للظاهر: «إذا أغضبتنى أغضبت السماء» كذب العابد للمال والنفوذ الذى سمى نفسه ملكا ولم يكن يملك نفسه، وكان هذا الصدام بسبب لقاء روحى وقع بين عبدالقادر والروح الطاهرة زينب أخت العابد للظاهر، كان هذا اللقاء أشبه بلقاء عبدالقادر بشيخه فى بداية الطريق، وعندما ترجم اللقاء الروحى إلى لقاء فى الواقع جن جنون عابد المادية وأطلق النار فى محاولة لقتل النور والجمال. وبالتوازى مع هذا المسار كان هناك أيضا مسار آخر من الصراع بين النور والظلام على المستوى العصرى، الظلام دائما يخسر والنور دائما ينتصر.. شكرا للمخرج لحركته الرشيقة التى تشبه العزف على القيثارة، وشكرا للمؤلف على هذا العمل الرائع النورانى، وشكرا ليحيى الفخرانى على أدائه الرائع، وشكرا لجميع الممثلين على أدائهم الرائع خاصة عبدالظاهر.
عدد الردود 0
بواسطة:
سعيد
راااااائع
عدد الردود 0
بواسطة:
باحث بمعهد النقد
النادر المثال!
عدد الردود 0
بواسطة:
مهندس وحيد سرور
مسلسل فاشل بكل المقاييس
عدد الردود 0
بواسطة:
علي
تحليل رائع لمسلسل رائع
عدد الردود 0
بواسطة:
غالي
شكراً لكاتب المقال
عدد الردود 0
بواسطة:
سلامه رشوان
من ذاق عرف
عدد الردود 0
بواسطة:
مهندس محمود سعيد
دراما تربوية المجتمع فى حاجة اليها
عدد الردود 0
بواسطة:
مهندسة بثينة عبدالله
من أجمل ما قدم فى رمضان
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد الحمامصي
مقال رائع