القضية ليست فى مظاهرات 24 أغسطس، لكنها فى حالة من الارتباك والجمود والشك الذى تتسع دوائره، ويهدد بالعودة إلى ما قبل يناير. وسوف تمر المظاهرات كما مر غيرها، لكن ستبقى الأسئلة المطروحة فى حاجة لمواقف وإجابات.
الدعوة للمظاهرات تمت بسرعة، وبلا جدول أعمال ولا تصور، وراهنت على أن تجمع كل من يختلف مع جماعة الإخوان أو يشعر بالغضب من تصريحات حزب الحرية والعدالة، والخلط بين الحزب والجماعة والرئيس، بشكل يسقط الحواجز بين السلطة التنفيذية والتشريعية وسلطة الحزب.
وفى المقابل فإن رفع شعار إسقاط الرئيس أو الإخوان يعطى المظاهرات شكل العداء، ويجعل هناك مصادرة، فضلًا عن كونها بلا أجندة واضحة، مع أن أصحابها أطلقوا عليها اسم ثورة، ولم يجعلوها فى سياق المعارضة الطبيعية، خاصة أنها لم تنجح فى جذب كل الأطراف التى تنتقد سلوك الإخوان وحزب الحرية والعدالة، كما أن أشخاص الداعين للمظاهرات، ليست محل إجماع من التيارات السياسية.
أصابت الدعوة لمظاهرات 24 أغسطس الكثيرين بارتباك، وسط مخاوف من عنف، وتسريبات عن دعاوى لحرق مقرات الإخوان. وردود أفعال وفتاوى متشنجة تدعو لقتل المتظاهرين، أو تهدر دم الداعين للمظاهرات، وهى فتاوى تمنح المظاهرات زخما، بل وتشجع كثيرين على التعاطف معها، المواطنون بشكل عام يرفضون العنف ولديهم حساسية خاصة تجاه دعوات الحرق والتخريب، المواطن العادى يعارض دعاوى حرق مقرات الجماعة، ويرفض فتاوى إهدار الدم وقتل المتظاهرين من نجوم الإرهاب الجدد.
فيما تعاملت جماعة الإخوان معها بالتجاهل والسخرية أحيانا، والهجوم والسب أحيانا أخرى، الجماعة لم تكتف بمهاجمة دعاة التظاهر، لكنها كثفت هجماتها تجاه كل من ينتقد الجماعة أو الحزب أو الرئاسة، ومنهم من كانوا حلفاء حتى وقت قريب، مثل هجماتهم على حزب الدستور، وبلاغاتهم ضد عبدالحليم قنديل ضمن هجمات على الإعلام والصحافة والفضائيات، بدون تفرقة، الجماعة غير قادرة على استيعاب الانتقادات والمعارضة، ولاتزال تمارس نفس السلوك الفردى لحزب حاكم وحيد.
وفى المقابل فإن القوى السياسية ظلت فى سياق رد الفعل، ولم تستعد للانتخابات، والعمل السياسى وتنظيم نفسها فى تنظيمات سياسية حقيقية. ولم يستغلوا زخم الانتخابات الرئاسية لبناء أحزاب، وتيارات تبلور الاتجاهات السياسية.
وبالتالى هناك خمس خطوات وتمارين مطلوبة من التيارات المختلفة، على جماعة الإخوان أولاً: التخلى عن العناد والعداء مع التيارات السياسية، وثانيها: التعامل على أنها فصيل أغلبية وليس الوحيد فى الساحة، ثالثًا: فإن الدور الرئيسى يقع على عاتق الرئيس ومؤسسة الرئاسة، التى عليها أولا عبور الفجوة مع التيارات السياسية، ورابعاً: التعامل بشدة ووضوح ضد الدعوات التكفيرية والتخوينية وإهدار الدم، باعتبارها ضد الدولة، وخامسا: وأخيرًا على المعارضة، ألا تكتفى رد الفعل تجاه الجماعة، حتى يمكننا لانتقال من رد الفعل إلى الفعل، ومن الانتقاد للمعارضة، وعبور الفجوة التى تهدد بالعودة إلى حالة الجمود التى إصابتها بالشلل خلال عقود.