نختلف سياسياً مع الداعين إلى مظاهرات 24 أغسطس، ونتحفظ على أدائهم السياسى خلال الفترة الماضية، ولكن غير المقبول أن نتهم الذين خرجوا أمس الأول فى تظاهرة سلمية أمام قصر الاتحادية والعروبة والمنصة بالعمالة والخيانة، وبالحصول على أموال خارجية، فهذه لغة مقيتة فى منهج الخلاف أو الاختلاف مع الآخر. النظام السابق كان يتعامل بنفس اللغة مع المعارضة، ومع حركات الرفض السياسى والاجتماعى فى سنواته الأخيرة، وسخر منها ومن قدرتها على الحشد، واستجابة الشعب معها فى البداية، واتهمها أيضاً بالخيانة والعمالة، ومحاولة زعزعة الاستقرار والأمن الذى ارتضاه الشعب مع مبارك. لم يلتفت النظام السابق إلى المغزى والمعنى من وراء تكوين تلك الحركات والرسالة التى حملتها له، كل همه كان منصباً على فشلها فى حشد الآلاف والملايين دون النظر فى عمق الدلالة السياسية والاجتماعية لمطالب التغيير والإصلاح. تصريحات الشماتة من جانب الإخوان فى الأعداد القليلة التى خرجت فى التظاهرات السلمية فى مليونية «إسقاط الإخوان» تذكرنا بنفس اللغة القديمة للنظام السابق، كما أن التعامل الإعلامى من بعض الصحف، وعلى رأسها صحيفة الإخوان، نسخة مكررة وتكاد تكون متطابقة مع عناوين صحف مبارك فى فشل إضراب 6 إبريل فى 2006، أو دعوات حركة كفاية للتظاهر والحشد.
إذا كان الإخوان يعتبرون أنفسهم هم الأغلبية والأكثرية والسلطة الآن فعليهم احترام حق الاختلاف معهم ومعارضتهم، وخروج المظاهرات ضدهم حتى لو كانت بأعداد قليلة، فهذه هى الممارسة الديمقراطية الصحيحة– إذا كان الإخوان يؤمنون بها- وهذه هى أهم أهداف ومطالب ثورة الشعب فى يناير. فالتشويه والتجريح والاتهامات عانى منها الإخوان من قبل ومازالوا، وهى أساليب بالية فى الهجوم على المعارضة، وفى حالة استمرارها فسوف تزيد الأعداد، وسوف تخرج المظاهرات المطالبة بإسقاط الجماعة، وتقنين أوضاعها، ووضعها تحت أعين أجهزة الرقابة وفقا لقوانين الدولة، ومنعها من أخونة الثورة والدولة معاً.
وأيا كانت درجة الاختلاف مع الداعين لمظاهرات 24 أغسطس، فلا ينبغى التقليل والتهوين والتشويه والتجريح فى المشاركين فيها حتى لو كان فرداً واحداً حاملاً لافتة «يسقط حكم المرشد» أو «لا لهيمنة الإخوان» أو «لا لأخونة الدولة»، وإنما ينبغى احترام حق التظاهر السلمى تأسيساً لممارسة ديمقراطية سليمة استفاد منها الإخوان بعد الثورة أقصى استفادة بمليونيات قندهار ضد مليونية الدولة المدنية!