حبس إسلام عفيفى، رئيس تحرير جريدة الدستور، نكسة حقيقية لثورة 25 يناير وما دعت إليه من «عيش وحرية وعدالة اجتماعية» لا تخفف من وطأتها قرارات الرئيس بالإفراج عنه وتعديل القانون، بل هو من دون مبالغة رده إلى أسوأ أيام عهد الرئيس المخلوع حسنى مبارك، الذى لم يجرؤ الزبانية فى عهده على حبس صحفى أو رئيس تحرير على مخالفة فى النشر.
ما الذى يجرى بالضبط؟ هجوم كاسح على الصحفيين من أبواق الإخوان.. دهس ورصف وتدجين المؤسسات الصحفية القومية وتعيين رؤساء تحرير لها على مبادئ «الحرية والعدالة».. وتعيين صحفى إخوانى على رأس وزارة الإعلام.
النفاق الفج للرئيس فى الصحف المملوكة لمجلس الشورى فيما وصفه البعض بصناعة الفرعون ذى اللحية.. الاعتداء الهمجى على الصحفيين والإعلاميين المعارضين والمعتدلين المستقلين.. إذن الإخوان يضعون الإعلام فى مقدمة معاركهم قبل الانتخابات الوشيكة لمجلس الشعب، وقرار حبس إسلام عفيفى احتياطيا على ذمة القضية الكوميدية المعروفة بإهانة رئيس الجمهورية جزء من هذه المعركة يعقبه الانتقام من صحفيين وإعلاميين مستقلين آخرين فى مقدمتهم عادل حمودة وعبدالحليم قنديل، إن لم يتم بالدعاوى القضائية فسيتم بالبلطجة والعدوان.
الإخوان اختاروا الصدام بجميع مراكز القوة والثقل فى المجتمع تمهيدا لصناعة مجتمع السمع والطاعة، هم يعرفون أن ذلك لن يتحقق إلا بالقضاء على حرية الرأى والتعبير وفى مقدمتها حرية الإعلام، وبدأوا بالفعل حربهم الخاسرة بإرهاب الصحفيين لكنهم غافلون أن الدنيا تغيرت كثيرا وأن الإعلام المستقل لن يستطيع أحد سواء فى قصر الرئاسة أو فى مكتب الإرشاد تركيعه لأنه يستمد قوته من الناس الذين يتوجه إليهم، وأنه ليس بمفرده الآن فى الساحة بعد تركيع الصحف القومية وإبقاء التليفزيون الرسمى لا يرى لا يسمع لا يتكلم، فوسائل الاتصال الإلكترونية من مواقع إخبارية ومواقع التواصل الاجتماعى ورسائل الموبايل قادرة كلها على تحريك الشعب للوقوف فى وجه الديكتاتور وصناعه ومريديه والمستفيدين من وراء وجوده، وإذا كان مكتب الإرشاد يسعى لإعادة البلد إلى الخلف أو أعضاء حزب الرئيس يعملون ضد سياساته المعلنة، فالذين قاموا بخلع مبارك ونظامه قادرون على خلع مكتب الإرشاد والذين معه إلى الأبد، وقادرون على إضافة صفة المنحل إلى «الحرية والعدالة» الذى لن يكون أقوى ولا أكثر نفوذا من سابقه «الوطنى المنحل».