قبل ثورة 25 يناير ناقش الباحثون فرضية تماثل الرؤية الاقتصادية والاجتماعية للإخوان مع رؤية الحزب الوطنى، وبالتالى اتفاقهما فى التوجهات العامة للسياسة الخارجية وضرورة استمرار التحالف مع أمريكا، فضلا عن احترام معاهدة السلام مع إسرائيل.
الفرضية بدت قوية من خلال تحليل رؤية ومواقف الإخوان فى البرلمان من قضية العدل الاجتماعى، فلم تطرح أفكار راديكالية بشأن فرض ضرائب على الأغنياء، و تأميم صناعات حيوية أو استعادة الشركات التى باعها مبارك بأبخس الأسعار. رؤية الإخوان قبل الثورة، وحتى برنامج النهضة لمرسى إصلاحية ومعتدلة للغاية، وتقوم على وقف الفساد وتحصيل الضرائب بدقة وشفافية، وحث الناس على إخراج الزكاة وتقديم الصدقات، وهى أمور لن تحقق العدل الاجتماعى.
وفى أرض الواقع ثمة مؤشرات تدعم من فرضية تماثل السياسات الاقتصادية والاجتماعية بين الإخوان والنظام السابق، أهمها اعتماد مرسى على كثير من رموز النظام السابق ورجال أعماله، ثم التضييق على حرية الإعلام، وأخيرا محادثات صندوق النقد الدولى، حيث أبدت الصحافة الأجنبية دهشتها من سرعة موافقة مصر على شروط الصندوق والتى تنص على استمرار الخصخصة وإلغاء الدعم.
وبنظرة تاريخية هناك محطات ومؤشرات عديدة تدعم من فرضية التماثل بين الإخوان والنظام السابق أهمها، أن النظام السابق لم يوجه ضربات أمنية شاملة للإخوان كما فعل مع الجماعة الإسلامية بل على العكس سمح لها بالعمل الاجتماعى وتقديم الخدمات، ولم يحارب رجال الأعمال المنتمون للإخوان، كما تفاهم مع الإخوان لخوض انتخابات 2005، وسمح لهم فى الثمانينيات من خوض الانتخابات من خلال الوفد ثم حزب العمل، فى المقابل قدم الإخوان معارضة معتدلة فلم يلجأوا إلى تنظيم مظاهرات مليونية كما طالبهم الكثيرون، ولم يعارضوا بحسم تجديد رئاسة مبارك، ولم يشاركوا بكامل قوتهم إلا فى 28 يناير.
لكن فى المقابل هناك حججا ومؤشرات قوية ترفض فرضية تماثل الإخوان والنظام السابق، لأن الإخوان كما يرى البعض يمثلون اليمين الدينى بينما كان نظام مبارك ممثلا لليمين ولتحالف العسكر ورأسمالية المحاسيب والفساد، ويعتقد هؤلاء أن اليمين الدينى أكثر خطورة من نظام مبارك لأنه يعادى الحريات وقد يفجر ملف الفتنة الطائفية، ويحول مصر إلى دولة دينية عكس نظام مبارك المستبد والفاسد، لكنه لم يوظف الدين فى قمع خصومه وأبقى على كثير من معالم مدنية الدولة.
وهناك من يتحفظ على بطء أداء الرئيس مرسى وجمعه للسلطتين التنفيذية والتشريعية، لكنه يطالب بمنح مرسى وجماعته الوقت الكافى للحكم على صدق توجهاتهم وبرامجهم، خاصة أن مهام إدارة الدولة قد تطور من مواقف الإخوان وتدفعهم للقبول بسياسات كانوا يعارضونها وهم خارج الحكم.
يتبقى أراء وحجج الإخوان والمؤيدين للرئيس وكلها ترفض فرضية التماثل والامتداد بين نظام مبارك ومرسى، فالإخوان كانوا مع الثورة، وكانوا تاريخيا فى صفوف المعارضة ودخلوا فى صدامات دامية مع عبدالناصر والسادات ومبارك، وقدموا تضحيات هائلة، ولا يمكن لهم بحكم المنطق والإسلام أن يعيدوا إنتاج النظام الذى اضطهدهم وثاروا عليه، ولا يمكن لهم بحكم تربيتهم الدينية والأخلاقية أن يمارسوا فساد النظام السابق.
حجج الإخوان قوية ومقنعة لكن درس التاريخ يؤكد أن الضحية وقعت مرارا فى خطيئة تقليد الجلاد، والمؤشرات الأولية لحكم مرسى وجماعة الإخوان تجعل من فرضية التماثل مع مبارك قائمة، لكنى أتمنى أن تكذب الوقائع على الأرض صدق هذه الفرضية، التى لا يمكن رفضها أو تكذيبها إلا من خلال رسائل طمأنة للناس والأهم أفعال وسلوكيات على الأرض.