قال العالم بالنفس المصرية والممتلئ بحكمة الأيام والتاريخ «نجيب محفوظ»: «لكن آفة حارتنا النسيان»، وقال أخوه فى المعرفة بالشعب المصرى وشخصيته عبدالرحمن الأبنودى «يا عم أقعد بس اشرب شاى.. دى الدنيا ماشية وشعبنا ناسى.. والبركة فى الشاشة وفى الجرانين» ويبدو أن السادة القائمين على حكم المحروسة قد خدعوا بهاتين المقولتين، وحسبوا أن الشعب المصرى فعلا شعب «نساى» فرأينا القضية بعد القضية تشتعل وتشتعل ثم بقرار فوقى تنطفئ وتهرب من على الساحة، وهو ما انتشر بشدة بعد يناير 2011، حيث تعامل معنا حكامنا فى المجلس العسكرى والقضاء والإخوان باعتبارنا «سمك» أو لعبة إلكترونية لا ذاكرة لنا ولا عقل، باستخفاف واضح واستهانة مزرية، سيرا على سيرة المخلوع حينما قال «خليهم يتسلوا».
فمن باب التسلية فجر المجلس العسكرى قضية التمويل الأجنبى، وظن أن سيلوث بها شباب الثورة خاصة من حركة 6 إبريل، لكن أتت الرياح بما لا يشتهى المجلس، وانغرست فيها أقدام المجلس فى وحل فضحية تهريب المتهمين الأجانب، غير أن القضية من بعد هذه الواقعة ماتت ولم يستدل عليها، وبرغم أنه من المفترض أن التحقيقات سارية من يومها حتى بعد اعتذار أحد قاضيى التحقيق وهو المستشار أشرف العشماوى عن استكمال التحقيق فى القضية حينما رأى بعينه أن مجهوده يهدر وكرامته تهان بتهريب المتهمين.
من المفترض أن لهذه القضية شقين، الشق الأول وهو الخاص بتمويل الجمعيات الأهلية الأجنبية العاملة فى مصر، مثل المعهد الجمهورى اللأمريكى والمعهد الديمقراطى الأمريكى ومعهد إيناور الألمانى وقد انتهى التحقيق فى هذا الشق وتم تحويله إلى المحكمة فكانت الفضيحة سالفة الذكر، أما الشق الثانى فهو الخاص بتمويل الجمعيات الأهلية المصرية، وقد اتهم فيه جمعية «أنصار السنة المحمدية» بتلقى ما يقرب من 300 مليون جنيه من قطر والكويت، وتم إجراء التحقيق فى هذه الواقعة وتبين أنها وقعت فى عهد وزارة مرشح الرئاسة السابق «أحمد شفيق» وأن الذى وقع على هذا التمويل بالمخالفة للقانون هو وزير التضامن السابق على المصيلحى، وبناء على هذه المخالفة استغل هذا المرشح مساجد الجمعية فى الترويج لنفسه فى انتخابات مجلس الشعب الماضية والتى منى فيها بالسقوط، لكن اللافت للنظر أن هذه القضية تم التعتيم عليها تماماً بعد فضيحة تهريب المتهمين الأمريكان، مع العلم أن نتائج التحقيقات الأولية أظهرت أن قضاة التحقيق اكتشفوا اختفاء مبلغ 6 ملايين دولار أى ما يعادل 36 مليون جنيه مصرى، من دفاتر الجمعية من حساباتها، وفشل القائمون على الجمعية فى تبرير هذا الاختفاء وهو ما قد يعرضهم إلى الاتهام بإهدار المال العام.
ومنذ هذا الحين ونحن لم نسمع شيئاً عن هذه القضية ولم نعرف شيئاً عن تطوراتها، ولا مسار القضية الأساسية الخاصة بتلقى تمويل خارجى ولا القضية الجديدة الخاصة باختلاس مبلغ الستة ملايين دولار، فأردت فقط أن أستفسر عن صحة القضية لعلها «بعافية» مع العلم أننى لم أكتب هذه المقالة إلا لأثبت فقط أننا «شعب نساى» وأخشى أن يصدق السادة الكبار هذه المقولة فأعود لإثباتها مرة أخرى.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة