الموضوعية تقتضى أن نرتفع فوق خلافاتنا السياسية، وأن ندعم الخطوة التى خطاها الرئيس محمد مرسى باتجاه جذب الاستثمارات الصينية لإعادة إحياء منطقة قناة السويس وسيناء والصعيد، من خلال العديد من المشروعات العملاقة الكفيلة فى حال تحققها أن تنقل البلاد نقلة تنموية كبيرة، وأن تحل الكثير من المشكلات الاقتصادية والأمنية، وأن تعيد الاعتبار لمكانة مصر السياسية فى المنطقة والعالم.
سمعنا من وزير الاستثمار عن مطالب للمستثمرين الصينيين بدعم مشروعات شرق التفريعة وشرق بورسعيد ونفق قناة السويس والقطار الكهربائى فوق القناة باتجاه سيناء ومشروع الصعيد البحر الأحمر من طريق دولى ومدينة متكاملة على الجانبين، وذلك وفق الطرح الذى أعلنه مرسى فى بكين والذى يقوم على شراكة استراتيجية مع الصين اقتصاديا وسياسيا، وهو أمر يدفعنا للتفاؤل والنظر إلى مصالحنا الحقيقية.
طرح مرسى فى بكين يقوم على نقل التكنولوجيا الصينية وتدفق الاستثمارات إلى مصر، وفق الأولويات المصرية، على أن تقدم القاهرة الخدمة اللوجستية للعبور بالاستثمارات الصينية إلى شمال ووسط أفريقيا- بما يعد به من فرص الأسواق الناشئة وإعادة الإعمار فى ليبيا وتونس – وهو طرح فيه من الرؤية والطموح ما يضع القاهرة على الطريق الصحيح بأن تكون بوابة الاستثمارات المتدفقة من الشرق إلى القارة الأفريقية، وأن تتحرر من تبعة الهيمنة الأمريكية والغربية عموما إلى نوع من الاستقلال فى الإرادة السياسية القائم على إدراك المصالح الوطنية فى ضوء الوعى بتحولات موازين القوى فى العالم.
ويبدو واضحا فى التوجه المصرى الجديد الإدراك بأن الوضع الحالى فى العالم يختلف جذريا عن المرحلة مابعد 11 سبتمبر، والتى شهدت انهيار الإرادة المصرية فى مواجهة الإملاءات الأمريكية وأحيانا الإسرائيلية، ولعل الأزمة السورية المستعصية تعكس إلى أى مدى لم يعد العالم أحادى القطبية كما كان فى أعقاب تدمير برجى التجارة بنيويورك، كما تعكس كيف يبحث العملاق الصينى والدب الروسى عن شركاء حقيقيين فى مناطق الارتكاز فى العالم، وكيف أن المنافسة مع الولايات المتحدة اقتصاديا وسياسيا معركة لا تخص الأقطاب الكبرى فى العالم وحدها بقدر ما تخص مناطق الارتكاز الهامة، والقوى الإقليمية الطامحة، وهو مجال سنعود إليه إن شاء الله.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة