ناصر عراق

مظاهرات الغد.. لنا أم علينا؟

الخميس، 30 أغسطس 2012 11:02 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا أحد ينكر حق أى فئة أو شريحة أو طبقة اجتماعية فى التظاهر السلمى إذا شعرت أنها تتعرض لغبن بين، أو ظلم دائم! فالبشر ابتكروا سلاح التظاهر لمواجهة استغلال الرأسماليين وبطش الحكام، وقد صار هذا السلاح من أقوى الأسلحة الفعالة والمعترف بها فى منظومة الديمقراطية الغربية مع دخول أوروبا مرحلة الثورة الصناعية فى القرن التاسع عشر.

فى بلادنا العربية الأمر مختلف، حيث قام الحكام بتجريم حق التظاهر بألف حيلة وحيلة، على الرغم من أن شعوبنا تكابد الأمرين: الفقر والاستبداد، وقد كان للحركة الوطنية المصرية دور فعال بامتداد القرن العشرين فى انتزاع حق التظاهر السلمى من أجل حماية مصالح معرضة للإطاحة أو درء مصائب مقبلة على الطريق، أو مطالبة بالتحرر من الاستعمار الإنجليزى! وبطبيعة الحال لم يسلم المتظاهرون وقاداتهم من عسف السلطات وملاحقاتهم وقتلهم أحياناً!

مع اندلاع ثورة 25 يناير المجيدة استعاد المصريون، والشباب فى المقدمة، البهاء المفقود لحق التظاهر، فرأينا الآلاف ثم الملايين يدخلون فى ميادين التظاهر أفواجًا مطالبين برحيل رأس السلطة الفاسدة، رافعين شعارات تنادى بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، وقد حققت هذه المظاهرات المليونية نجاحات مذهلة فى أول الأمر، فأزاحت مبارك من عرين الرئاسة فى البداية، ثم أدخلته السجن مع ابنيه وزبانيته تحت ضغط الملايين فى النهاية.

لكن لأننا لم نتمكن من إسقاط النظام القديم بمؤسساته المهترئة وطبقته الجشعة، تمكن هذا النظام من الالتفاف على الثورة، واستعاد عافيته مرة أخرى، وإن بشكل ومظهر مختلفين، حيث باتت السلطة كلها فى يد جماعة الإخوان المسلمين وممثلهم الرسمى الرئيس محمد مرسي، وهو أمر بالغ الخطورة لأنه لا توجد فروق جوهرية بين هذه الجماعة والنظام القديم من حيث السياسات الاقتصادية التى تحابى الأغنياء وتهمل الفقراء. وها هو الفريق الرئاسى الذى تم إعلانه مؤخرًا (17 رجلاً وامرأة) يفضح توجهات من بيدهم الأمر حالياً، إذ ليس به شخص واحد يخالف قناعات الجماعة السياسية، الأمر الذى يعزز انحياز السلطة الجديدة إلى الأثرياء وتدليلهم، على حساب إفقار العمال والفلاحين والموظفين الصغار وإذلالهم. فضلاً عن النزعة التسلطية للجماعة التى تخاصم الفكر وحرية الرأى مثل النظام القديم وأشد، ولعلك تابعت الحملة الجنونية ضد وسائل الإعلام، فقبضوا على رئيس تحرير ولاحقوا الدكتور عبد الحليم قنديل والأستاذ عادل حمود بتهمة إهانة الرئيس، وهى تهمة لا مثيل لها فى العالم!

حسناً.. إذا كانت عصافير الأحلام التى رفرفت فى قلوب الناس بعد الثورة قد ضاعت فى الفضاء البائس للمرحلة الانتقالية وبعد جلوس السيد الرئيس مرسى على عرش مصر، فهل تستطيع المظاهرات أن تعيد تلك العصافير إلى سماواتها وتضبط الحقوق المنهوبة؟

فى ظنى أن الأمر يحتاج إلى قدر كبير من الحصافة، فالشعب المصرى أصيب بحالة من الإنهاك الثورى إذا جاز القول بعد مرور أكثر من 19 شهراً على خروجه بالملايين، الأمر الذى يستدعى الانتباه جيدًا قبل دعوته مرة أخرى إلى التظاهر، حتى يمكن لهذه التظاهرات أن تؤتى أكلها وتحقق الأهداف التى من أجلها خرج الناس.

على سبيل المثال لا أظن أن مظاهرة 24 أغسطس الماضى كانت فى التوقيت المناسب بغض النظر عن المطالب النبيلة التى رفعها المتظاهرون، كما لا أتخيل أن الدعوة للتظاهر غدا الجمعة 31 أغسطس ستحقق نجاحات باهرة، ذلك أن توقيت التظاهر علم وفن. علم يدرس المزاج النفسى للجماهير، وهل هم على استعداد الآن للخروج أم لا؟ وكيف يمكن أن تنظم الجموع من طبقات متباينة للمطالبة بتحقيق هدف واضح ومحدد؟ وما هو الشعار الأنسب الذى يمكن أن يلتف حوله أكبر عدد من الناس؟ ومن سيتم اختيارهم ليصبحوا قادة المظاهرات؟ وكيف نتوقع رد فعل السلطات، أمنية وإعلامية، على هذه المظاهرات؟ وما الوقت الأنسب الذى ينبغى فيه فض المظاهرة؟ إلى آخره إلى آخره.

هذه الأمور كلها وغيرها علم وفن ينبغى دراستهما جيدًا قبل الشروع فى إطلاق الدعوة للتظاهر، حتى نضمن نجاح هذه المظاهرات وقدرتها على الحشد الكبير، وحتى يشعر الذين لبوا الدعوة بأنهم حققوا المطالب التى خرجوا من أجلها!








مشاركة

التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

جمال عبد الناصر

محتاجين تدريس

عدد الردود 0

بواسطة:

mohamady

انت خير مثال على عكس ما تقول

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة