كانوا ضد الاقتراض الخارجى أيام مبارك قبل الثورة عليه، وأيام الجنزورى بعد الثورة علينا، كان الشيخ سيد عسكر مرجعا دينيا لا يقل عندهم عن فضيلة شيخ الأزهر وربما يزيد، والبلاغة الثورية مرجعا لرفض التبعية للغرب المتربص المرابى (للغرب فقط).
قالوا إن برنامج النهضة سيعتمد على جذب استثمارات تقدر بـ200 مليار دولار (على أربع سنوات)، ومع هذا التقى الرئيس مرسى السيدة رئيسة البنك الدولى، واتفق الطرفان على أن تذهب مصر برجليها إلى ما خططت له أمريكا وإسرائيل، وتقترض 4،8 مليار دولار بفائدة لا يصدقها عقل ولا تحلم بها أى دولة تبحث عن مستعمر1،1%.
الأمريكان (الذين يحركون البنك) سعداء للغاية ومستعدون لإرسال خبراء للمساعدة على النهوض بالاقتصاد المصرى، ومعروف بالطبع أن أمريكا لا تنام الليل للحالة التى وصل إليها الاقتصاد المصرى، هم مستعدون لتقديم خدمات لوجستية للرئيس ولمشروع النهضة العظيم الذى يذكرك بنهر القذافى العظيم، لكى تتمكن الرأسمالية العالمية من مصر المكان والتاريخ والمعنى.
ولكى تقف التبعية الجديدة التى جاءت عن طريق الصندوق على قدمين راسختين، فايننشال تايمز قالت إن الشروط القاسية التى فرضها البنك الدولى على مصر ستؤثر على الفقراء، لأنه طالبها ببرنامج تقشف صارم يتمثل فى عجز الموازنة وتحجيم الإنفاق العام، وذلك من خلال رفع الدعم عن الوقود والطعام، طبعا البنك ورئيسته طلبوا مراجعة برنامج الإصلاح الاقتصادى بأنفسهم، وهذه إهانة لو تعلمون كبيرة، الهدف من القرض تقليص عجز الموازنة.
وقالت الحكومة إنه سيتم تعديل الضرائب على الدخل بدون ذكر تفاصيل، وقالت إن دعم الطاقة يحتاج مراجعة، دون أن يقولوا لنا هل سيتم إلغاء الدعم على بنزين 92و 90 أو السولار، ولكن المؤكد أن النية مبيتة لسحب الأوكسجين من الجو، لكى يتم توزيع كتاب صلاح عبد المقصود الذى يعمل عليه والذى أسماه المرشد فى الأداء الإعلامى.
عجز الموازنة 2012ـ 2013 هو 135 مليارا، فوائد الديون التى تدفعها مصر 133،6 مليار، وتمثل 25،7% من مصروفات الموازنة، ستزيد طبعا لو ـ لا قدر الله ـ وتم الاقتراض من البنك الدولى، الحكومة سبق أن حصلت على 6 مليارات دولار فى حكومات العسكر فى غياب القنوات الديمقراطية.
الإخوان وافقوا على شروط البنك الدولى التى كانوا ضدها وهم فى المعارضة، البنك الذى سبق واشترط بيع القطاع العام وحول قطاعات واسعة من العمال المهرة المخلصين إلى عاطلين، ويسعى لخصخصة كل شئ فى مصر لكى تنمو الشركات العابرة للقارات، البنك الدولى ليس مصلحة اجتماعية، هو يرى أن الفقراء عبء على البشرية، لأنهم لا يملكون السيولة اللازمة لشراء منتجات كنتاكى وشيفروليه والتفاح الأمريكانى، قبلوا شروطه التى لا نعرف ما هى؟، والتى من المؤكد لن تكون فى مصلحة فقراء هذا الشعب المكلوم، قبلوا شروطه فى ظل غياب برلمان منتخب وبدون استفتاء، على أساس أن المرشد والشاطر والعقدة (الذى باع بنك الإسكندرية) يعرفون مصلحة الناس أكثر من الناس.
رضخوا للشروط فى لحظة محبطة يشعر الجميع فيها بالإجهاد والحسرة على ما آلت إليه الثورة التى قامت من أجل الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية، فى لحظة يتم فيها تمييع كل شىء، حتى الوطن، بالطبع سيجد الرئيس مرسى من يقول إن الضرورات تبيح المحظورات، بعد خفوت دعاوى عودة الأموال المهربة التى لو أخلص القائمون على الحكم فيها لكنا أقرضنا البنك الدولى شخصيا.
سيجد الرئيس مرسى من يدافع عن القرض مثل أشطر واحد فى الفصل المعتز بالله عبد الفتاح ومثل وائل غنيم و"اللعب الأمريكانى كله"، قوى اليسار المحاصرة والتى تم تشديد الحصار عليها، والتى تملك حلولا إنسانية أكثر من غيرها ضربها الاكتئاب، وعليها أن تتعافى قبل فوات الأوان، لأن الحرب الجديدة تستهدف الفقراء وتستهدف الذاكرة، بعد أن تبدلت المواقف والمواقع، وتم أخذ مصر بعيدا عن .. مصر.