انتظر الرئيس مرسى وفريقه المعاون طويلا حتى تفاقمت أحداث فتنة دهشور، وعندما تحرك خرجت علينا مؤسسة الرئاسة بتصريح عجيب مفاده أن الرئيس يتابع الأحداث ويؤكد عدم السماح بترويع المواطنين والاعتداء على الممتلكات الخاصة وتطبيق القانون بكل حزم، وكأنه يرد به على النشطاء السياسيين الذين انتقدوا تجاهله للكارثة.
كان جديرا بالرئيس وهو من أطلق التصريحات العاطفية حول البناء بالمحبة والشراكة فى الوطن والتنمية بالحب والحفاظ على حقوق جميع المواطنين، أن يبادر لوأد الفتنة فى مهدها بالذهاب إلى دهشور ودعوة جميع الأطراف إلى تجاوز دوافع العنف الكامنة وروح الفتنة التى سادت خلال عهد المخلوع، والالتفات إلى العهد الجديد للجمهورية الثانية، والعمل على تأسيسه بعيدا عن الكراهية.
تخيلوا الوضع لو كان مرسى نزل قرية دهشور وخطب فى الناس عن أن آخر ما يحتاجه الوطن هو اشتعال فتنة جديدة بين المسلمين والأقباط، وأن العنف وروح الانتقام وأخذ الحقوق بالذراع لن يعيد الشاب معاذ الذى راح ضحية الأحداث، دون ذنب، بقدر ما سيترك جروحا جديدا فى نسيجنا الوطنى ويعمق خوف الأقباط من حكم الإسلاميين، ويفتح الباب من جديد للصيادين فى الماء العكر ممن لا يريدون الخير للبلد.
ألم يكن هذا الموقف كفيلا بتهدئة الخواطر ونزع روح البغضاء من القلوب واسترضاء الغاضبين الراغبين فى الانتقام من أى أحد وبأية صورة مهما كانت العواقب؟ ألم يكن كفيلا بتعزيز سلطة القانون ومؤسسات الدولة فى إحقاق الحقوق، لأن الرئيس بالضرورة لم يكن سيغفل التأكيد على أن القانون سيأخذ مداه حتى النهاية لمعاقبة المتهمين والقصاص منهم، فضلا عن طمأنة الإخوة الأقباط فى القرية على حياتهم وأعراضهم وممتلكاتهم بدلا من هروبهم خوفا من الانتقام العشوائى.
كان جديرا حقا بالرئيس مرسى ألا يتباطأ فى مثل هذه الأحداث الكاشفة التى تمس وحدة النسيج الوطنى، وأن يتقدم بالمبادرات الكفيلة بتأكيد وحدة الشعب عمليا وليس بمجرد الإشارة العرضية لها فى خطاب أو تصريح، خاصة بعد أن استشعر كثير من المواطنين أن اهتمامات الرئاسة الحقيقية فى منطقة أخرى غير تلك التى تمس مصالح الناس وهمومهم وآلامهم.