مايجرى فى دهشور عدوان طائفى، تجاوز قميصا محروقا إلى قميص تعصب عنصرى. والطائفية أمر متجذر منذ الثمانينيات، تواصل فى فترة حكم مبارك، وظل الملف الطائفى أمنياً يدار بخليط من الحلول العرفية والأمنية. بينما يغيب القانون، وغالباً تتوه الحقيقة وتظل النار قابلة للاشتعال نتيجة التعصب من الطرفين. لكن الأزمة أن التعصب فى الجانب المسلم يأخذ طريقاً أكثر عنفاً، وهناك من يستقوى بالعدد.
والطائفية أبعد من دهشور، وأعمق من قميص، ومن بين المسلمين من يخضع لغسيل مخ وفتاوى متعصبة ومعادية، ليس فقط للمسيحيين وإنما ضد المواطنين عموماً، وأقرب مثال قتل طالب السويس من قبل أعضاء عصابة تدعى النهى عن المنكر، دليل على انتشار الفكر البدائى الجاهل، وتظهر التحقيقات مع وليد وباقى المجرمين من قتلة طالب السويس إصرارهم على أن من حقهم التدخل فى حياة الشاب ويبررون قتله إنه كان فى وضع غير لائق، عقول بهذه الطريقة تكشف عن عمق الأزمة التى تنتاب الطائفيين، ممن يفتقدون التعاطف الإنسانى، لدرجة أننا نرى من يزعمون التعاطف مع المضطهدين فى بورما، ولا يشعرون بنفس التعاطف مع المضطهدين فى مصر.
وعندما يتشاجر مواطن مع آخر أياً كان السبب، فتهجم أغلبية مسلمة على مسيحيين ليطردوهم ويحطموا ممتلكاتهم، مع أنهم لاعلاقة لهم بقميص أو بنطلون، فهذا يعنى أن هناك استقواء واستهانة بالقانون. وإذا صح ما أعلنه بعض القساوسة من أنهم ذهبوا للقاء الرئيس وتم رفض طلبهم، لكان أمرا يثير الغضب. ويحتاج إلى تفسير.
مع اعترافنا بأن المشكلة الطائفية منذ الثمانينيات، وأخطاء التعامل مع القضية، بوصفها ملفا أمنيا، لا يمكننا تجاهل بعض التصرفات الرسمية التى تثير الغضب والتساؤلات وتبدو نوعا من الاعتداء على القانون أو عدم احترامه. منها عدم مساندة المسيحيين المطرودين من دهشور فى العودة لمنازلهم.
بينما يتم الإفراج عن متهمين مدانين فى قضايا قتل باعتبارهم سجناء سياسيين، ويتصادف أنهم جميعا ينتمون لتنظيمات كانت تقتل وتستحل الأموال. نحن مع الإفراج عن كل المعتقلين، ومع إعادة محاكمة من خضع لمحاكم عسكرية أو استثنائية، فإذا أدين يعاقب وإن برأته المحكمة يطلق سراحه، لكن الإفراج عن متهمين بالقتل بينما يترك معتقلون سياسيون فى الاعتقال أمر يثير التساؤلات. ويضعنا أمام نظام سياسى يوظف القانون لصالحه، ويتجاهله عندما يتم الاعتداء على أموال المواطنين.
الرئاسة التى تكاسلت أمام أحداث دهشور أصدرت بيانا متأخراً عن حماية المواطنين، البيان تحدث عن القانون، ولم يتحدث عن إجراءات حاسمة، لإعادة من تم طردهم من منازلهم وانتهاك حرماتهم. نتحدث عن دولة المواطنة، التى يكون المواطنون أمام القانون سواء، وقيمة المواطن هى نفسها أيا كان دينه أو أصله. وهو أمر يفترض أن يتضمنه الدستور. الطائفية والعنصرية لا يقضى عليها إلا القانون والمساواة والحرية، وليس على الازدواجية.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مصرى قبطى مقهور فى وطنه
تحية لكاتب المقال لحياده وعرضه وماذا تنتظر من رئيس أخوانى وليس رئيس لشعب مصر كله
عدد الردود 0
بواسطة:
قبطى واتنهب بيتى وكل ما املك وانا ماليش ذنب
ارجو من كل واحد سرق حاجه يرجعها لاصحابها
عدد الردود 0
بواسطة:
الدين عند الله الاسلام
الدين عند الله الاسلام
الدين عند الله الاسلام
عدد الردود 0
بواسطة:
مينا جورج
لرقم3
عدد الردود 0
بواسطة:
عماد
تحياتى لك استاذ اكرم