تحدث الثورات عادة قطيعة معرفية مع القديم، ولكن ثورة يناير تواجه قوانين وظواهر جديدة.
على الصعيد المصرى الداخلى ساهمت عوامل النحر السياسى والاجتماعى فى تفكك بنيان الدولة والمجتمع إضافة لانتهاء العمر الافتراضى لعوامل الاندماج القومى حيث أجبر مبارك على التنحى بعد تفكك الدولة وتفتت المجتمع.
ورغم كل الأطروحات النظرية عما يسمى «الدولة العميقة» فإن ذلك المصطلح لا يخرج عن الترف الفكرى أو الإيمان الميتافيزيقى الغيبى والأسطورى بالدولة، فأى دولة عميقة هذه التى تنفصل أطرافها مثل شبه حزيرة سيناء عن جسدها بشكل بطىء وتدريجى؟ ويتعمق فيها كل عوامل الحرمان النسبى لأقلياتها الثقافية والعرقية والدينية؟ وتبحث فيها النخب المدنية والدينية عن الهوية؟ بل لا يتفهم %70 من أعضاء اللجنة التأسيسية ماذا يعنى الدستور وما الفرق بينه وبين القانون؟ وتتحول أغلبيتها الدينية إلى أقليات بالمعنى الاجتماعى ما بين إخوان وسلفيين إلخ.
كذلك ربما للمرة الأولى منذ تأسيس الدولة الحديثة تلعب المؤسسات الدينية أدوارا سياسية أشار لها المفكر نبيل عبدالفتاح فى كتابه الموسوعى «سياسات الأديان» وكيف لعب نظام مبارك دورا فى دمج المؤسسات الدينية فى بنية النظام السياسى واستخدمهم استخداما منهجيا منظما، وكيف أدى ذلك إلى رفض هذه المؤسسات للثورة فى مطلعها، كل هذه التجليات إضاقة إلى التمرد السيناوى المسلح الذى لم يتوقف منذ 29 يوليو 2011 بقيادة جماعات سلفية تكفيرية، حيث طالب هؤلاء بإمارة إسلامية، ومنذ ذلك التاريخ وحتى الآن سقط 181 ضحية ما بين قتيل وجريح جراء 81 اعتداء من المتمردين على قوات الأمن، كما وقعت 34 حادثة اختطاف لمصريين وأجانب وتكالب على سيناء مثلث الشر من تجار السلاح وتجار المخدرات وتجار البشر، إضافة للفوضى الأمنية التى أوجدتها الأنفاق والعبث الإسرائيلى بالأمن القومى، ومن أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب تشتعل وتخبو القضية النوبية وظهر جيل جديد من الشباب النوبى يطالب بالانفصال، وتتفجر الفتن الطائفية، وفى الفترة من فبراير 2011 وحتى الآن سقط 50 قتيلا و504 جرحى من المواطنين الأقباط وحرقت وهدمت ثلاث كنائس.. الشهيدين بأطفيح والعذراء بإمبابة ومارجرجس بالماريناب، إضافة لفتنة قميص دهشور والتى تعد الحادثة التاسعة من العمرانية 2010 وحتى دهشور مرورا بالعياط وأطفيح وإمبابة، الملفت للنظر أن تلك المنطقة بها كثافة من الأقباط المهاجرين من الصعيد ومواطنين من أصول عربية وتشهد نشاطا سلفيا متزايدا ويسود فيها القضاء العرفى، كما تنتشر بها قضايا الثأر وتجارة السلاح.
كل ذلك ينبئ بالخطر لأن تفشى ثقافة الكراهية المتبادلة فى ظل عالم مفتوح ومتداخل ومتربص، وثقافة رجعية متخلفة نالت وشوهت قيم السماحة المصرية لدى قطاعات كبيرة من المصريين، وعلى الصعيد السياسى شوهت ثقافة الكراهية التنافس الانتخابى وحولته إلى نفى للآخر، ونال الصراع الاجتماعى وحول تجلياته إلى صراعات دينية، ماذا ننتظر؟ هل ننتظر تقسيم الوطن؟ أم الحرب للأهلية؟ أم انفصال سيناء وإعلان النوبة الحكم الذاتى؟ أم نعيش وهم الدولة العميقة حتى تطالب بعض التجمعات المسيحية بالحماية الدولية، هل تعى النخب الحاكمة أو المعارضة المدنية أم الدينية هذه الخيبة العميقة قبل فوات الأوان، اللهم إنى قد أبلغت اللهم فاشهد.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد محمود المالح (ناشط سياسى)
أين النخب؟
التعليق فوق
عدد الردود 0
بواسطة:
عوض الشح
كلام كتير
من امتى الاعلام بيجب نخاب