طبعا من حق رئيس الجمهورية أن يختار رئيس الوزراء والحكومة، وأن يكون لرئيس الوزراء حق اختيار الوزراء، لكن ما لانستطيع هضمه حتى الآن، هو حالة التصريح على الذات التى تصيب قيادات الجماعة، غضبا أو رفضا أو تصنيفا، وآخرها رسائل القيادى البلتاجى للرئيس، التى تنتقد الحكومة الجديدة، ويرى أن فيها ممثلين للثورة، وآخرين من الدولة العميقة.
من حق الدكتور البلتاجى أن يصرح كمواطن وكحرية وعدالة، لكن ما يثير الهرش فى مثل هذا الكلام، أنهم يعينون أنفسهم متحدثين باسم الثورة، ويحددون من هو الثورى، ومن هو الفلول، ومن هو الثورة المضادة. وهو مرض أصاب بعض السادة «المتثورين» فى عقولهم وصور لهم أنهم «مصر»، بعض الناس يعطون أنفسهم حق تصنيف الآخرين، فهذا ثورة، وهذا دولة عميقة، ومن دون أدلة، ناهيك عن أن هذا النوع من التصنيف، كان سببا فى انصراف كثيرين عن الثورة، وبعض من يحتكرون الحديث باسم الثورة، كانوا شركاء للنظام السابق فى السياسة والانتخابات.
والحقيقة أن هناك حالة من الادعاءات ثبت عدم صحتها، فقد اتهموا الجنزورى أنه يتآمر على مجلس الشعب ثم كرمه الرئيس اعترافا بفضله، وعينه مستشارا، هم يتحدثون عن مؤامرات لإسقاط الرئيس، نكتشف أنها غير موجودة إلا فى رؤوسهم فقط. وعن ضغوط لم تثبت.. ومن الأفضل أن يتفرغ السادة قيادات الإخوان لبحث الوضع السياسى، أو تقديم مبادرات حقيقية بدلا من العيش فى خيالات نظرية المؤامرة وأشباح الدولة العميقة، التى يتضح كل يوم أنها كلام عبيط، يخلو من العقل والمنطق. ولايوجد إلا فى رؤوسهم.
> جماعة الإخوان أصبحت فى السلطة، سواء فى مجلس الشعب المحلول، أو الشورى أو النقابات، فضلا عن الرئاسة، وعليهم أن يتحملوا مايوجه إليهم من نقد أو معارضة. الواضح أن الجماعة صدرها ضيق بالانتقادات، وبعض مؤيدى الرئيس مرسى يعتبرون الاقتراب منه إهانة وعدوانا على الوجود، هناك مبالغة فى اتهام الإعلام بالانحياز وترديد الشائعات.. ويتجاهل من يقولون ذلك، أن الشائعات تنمو فى غياب المعلومات. وعلى السادة الجماعة، أن يتوقفوا عن نظرية المؤامرة، فالإعلام يفعل ما كان يفعله من قبل، لكن الحساسية الزائدة تسبب الهرش.
> على ذكر الإعلام بدأ السيد وزير الاستثمار عهده بتصريحات يهدد بوقف الفضائيات، صحيح أن الوزير حاول تعديل تصريحاته، وقال إنه يقصد عدم الالتزام بمواثيق الشرف، لكنها كانت مؤشرات على وجود اتجاهات لسوء فهم واسع من قبل الحكومة، وليس فقط الجماعة. تصريحات تتشابه وتكاد تتطابق مع تصريحات وزراء الاستثمار والإعلام فى السنوات الأخيرة لمبارك. مع أنهم كانوا يتراجعون أمام الانتقادات. الأفضل من التهديدات والغلق والمصادرة، هو تفعيل قوانين تحاسب من يخالفون القانون. مع العلم أن المنع والمصادرة... لم تعد ممكنة فى عهد القنوات المفتوحة والأدمغة المفضوحة.