حادثة دهشور، حادثة متكررة، وأصبحت هذه الحوادث مثل السيناريو المفكك والممل الذى لا يعرف شيئًا عن البناء الدرامى ولا الحبكة الدرامية غير نتيجة واحدة وحيدة مهما كان مسار الأحداث أو سببها أو فاعلوها، حتى أصابنا الممل والقرف من مثل هذه الدهشوريات المتكررة، والتكرار والملل، لأن تكرار الأحداث بنفس السيناريو يجعلنا نمتلك خبرة ما فى مواجهة هذه الأحداث، حتى لا تتكرر، ولكن للأسف فمع تكرارها نمارس نفس الأسلوب المتبع الذى يبدأ بطرح أسباب تسقط الواقع وتنفيه وتستبدله بحالة مكررة أيضًا من الينبغيات النظرية الافتراضية التى يجب أن تكون بالرغم من غيابها من الأساس، فى الوقت الذى يعلم فيه الجميع بلا استثناء الأسباب الحقيقية لهذه الحوادث، وهى ذلك المناخ الطائفى الذى تكوّن نتيجة لذلك الحشد والشحن الطائفى عن طريق خطاب دينى لا يقبل الآخر من هنا أو من هناك، ذلك الخطاب الذى خرج خارج الأسوار إلى تلك الفضائيات الإعلامية الطائفية التى تلعب دور حامى حمى الدين فى مواجهة الآخر وجميعها بتمويل خارجى لتأكيد ما يسمى بصراع الأديان.
السبب هو ليس بعض المناهج النمطية التى تقصى الآخر فقط، ولكن تلك الممارسات الطائفية التى تتم طوال اليوم الدراسى التى تهمش الآخر، وكأنه غير موجود مما يشعره بالاغتراب الذى يعوضه بانتماء مطلق لكنيته، السبب الجديد المضاف هو تلك المتاجرة بالمشكلة الطائفية لحصد مكاسب سياسية لفصيل سياسى يدعى أنه الإسلام ومناصره من أصحاب الأجندات الخارجية الذين يتعايشون ويدعون البطولة نتيجة لطرحهم حلولا طائفية لمشاكل الأقباط تعقد ولا تحل، حتى أننا قد أصبحنا نعيش حالة فرز طائفى بين مسلم ومسيحى دينياً وإعلامياً، واجتماعياً، وثقافياً وبالطبع سياسياً حتى أصبحت كلمات مصر للمصريين والمواطنة كلمات قد فقدت بريقها ولا معنى لها. الأهم هو الحديث عن الأقباط ومشاكلهم بعيداً عن المسلمين ومشاكلهم، وكأن لكل منهم مشاكل مختلفة حتى أصبحت الكنيسة وكأنها المسؤولة عن هذه المشاكل وعن حلها، الشىء الذى يجعل الشارع المسلم لا علاقة له بهذه المشاكل بل يسعده «وهذا ليس بالمطلق» عدم حل هذه المشاكل بل فى أحيان كثيرة يساهم فى تعويق الحل، متصوراً أن حل هذه المشاكل سيكون على حسابه هو لصالح المسيحى، وهذا وغيره كثير يجعل حل هذه المشاكل ليس عن طريق دستور بحق المساواة أو قانون يفرض على الجميع أو قرارات تعدل بين الكل، ولكن لابد مع ذلك من خلق حالة توافق اجتماعى يقتنع بالمشكلة ويحلها، الشىء الذى يحدث مصداقية بين الشارع وبين القانون، والقرار حتى يمكن تنفيذه فكم من بيانات وقرارات تصدر لحل مشاكل مسيحيين ولكن الشارع لا يقبل ولا يتجاوب، ولكن إذا كان هذا هو الوضع ما قبل ثورة يناير حيث كان مبارك وحكمه وحزبه يعتمد على التزوير الذى غيب المصداقية وأفقد الاقتناع بنظام مبارك فكان من الطبيعى ألا يتجاوب الشارع المسلم مع أى قرار من مبارك للحل لمثل هذه المشاكل، خاصة أن مبارك لم يكن يعنيه مواجهة هذا الشارع لحل مشاكل الأقباط، ولكن الآن فالإخوان كتيار إسلامى هو فى الحكم ويمتلك السلطة، وهو من يقول إنه جاء بالأغلبية غير المزورة، وهو من يمتلك تنظيما مؤثرا ويؤثر فى الشارع عما يريد، وهو من تحدث عن حقوق الأقباط وحتى الآن مازال يقول د. مرسى إنه رئيس لكل المصريين، ولذا يصبح من الطبيعى أن مسؤولية نظام الإخوان فى مواجهة حل هذه المشاكل تختلف تماماً عن مسؤولية أى نظام آخر. وبلاشك هم الأقدر على التعامل مع الشارغ غير الفاهم إسلامياً والمشحون طائفياً، فهل يريد الإخوان بالفعل الحل وهو متاح لهم؟! أم أن أسلوب الالتفاف مازال وسيظل؟! وهل فى صالح الإخوان استمرار ذلك السيناريو؟ وهل هم يريدون إعطاء فرصة للخارج للتلكك حتى يتدخل بحجة هذه المشاكل؟ وهل تعيين وزيرة مسيحية فى شبه وزارة تسمى بوزارة دولة، بدلاً من وزيرين، وكان من المفروض أن يكون أكثر ليس من باب المحاصصة، ولكن من باب الكفاءة بعد ثورة يعنى أنه لاحل ولكن دولة دينية لا تعترف بالآخر، ولكن تحت أى ظرف ستظل مصر للمصريين، لا أحد يحلم بغير ذلك.