بعد لقاءات وصولات لوزير الثقافة المصرى، الدكتور محمد صابر عرب مع أطراف متعددة اتخذ الوزير الهمام قراره، بالرجوع إلى الخلف وعودة كل شىء إلى ما كان قبل الثورة، وبقرار الوزير وصلت إلى نتيجة أكيدة - «مصر لم يحدث فيها شىء، لم تشهد تغيرا يذكر - وهى النتيجة التى كان يحاول بعض أصدقائى المتفائلين أن يشككوا فيها، والمفارقة حقا أن سيادة الوزير اتخذ قراره بالرجوع إلى الخلف، بل والإصرار على الرجوع، لذلك اعتمد على طريقة «أهم من الشغل تظبيط الشغل» بمعنى أنه تعب نفسه فى عقد لقاءات واجتماعات مع أطراف متعددة، رغم أنه فى قرارة نفسه كان قد اتخذ قرارا بمعاقبة كل من قرر العمل بإخلاص، ومعاقبة كل من قام بتطبيق قرار اتخذه الوزير السابق الدكتور عماد أبوغازى، والذى كان يقضى بضرورة قيام جمعيات ومؤسسات أهلية، بتنظيم المهرجانات، ولم يلق بالا لقراءة ملف مهرجان القاهرة وما أنجزه هؤلاء البشر الذين تعبوا وبذل الجهد من أجل إخراج نسخة مختلفة من مهرجان القاهرة، بعيدا عن بهرجة حفلتى الافتتاح والختام، لم يهتم بوجود مكاتبات وأوراق رسمية بين تلك الجمعية ووزارة الثقافة منذ أن كانت الجمعية تحت التأسيس، تفيد هذه المراسلات بموافقة وزارة الثقافة على كل الخطوات التى تقوم بها الجمعية لصالح المهرجان، وكأن الوزير هو أول الضاربين بالاتفاق والأصول والقوانين عرض الحائط، والمدهش حقا أن الوزير اتخذ قراره الجبار بالعودة إلى الماضى الجميل تخوفا من خسارة القضية وتحسبا من حكم قضائى من المفترض أنه يصدر اليوم أو فى خلال أيام على أقصى تقدير، لذلك خطط الوزير أستاذ التاريخ بمنطق استباقى.
والدليل على كلامى أن سيادته فى اللقاء الذى عقده بمسؤولى جمعية مهرجان القاهرة السينمائى، فاجأهم بوجود نائبة المهرجان سهير عبدالقادر دون أن يخبرهم بشىء، فهو كان يرتب الأوراق لينفذ سيناريو واحدا تم الاتفاق عليه مع أطراف تلعب فى الخفاء وتحرك البعض على طريقة الماريونت، والحمد لله الوزير لا يملك ولو قدرا من الخيال أو الابتكار، لذلك عاد بكل الوجوه السابقة «على طريقة ربنا ما يقطع لنا عادة واللى نعرفه أحسن من اللى ما نعرفوش».. وهو منطق لا يتسق إطلاقا مع عقلية أستاذ تاريخ، والذى صدر بيان عن مكتبه يحمل عددا من القرارات بعضها شديد الوضوح يتعلق بالإدارة القديمة، والآخر متعلق بمن بذلوا الجهد، وغيره من الكلام يحمل ميوعة شديدة.
لماذا لم يستعن وزير الثقافة بعدد من السينمائيين الكبار الأمناء، ليشرحوا له أزمة ملف مهرجان القاهرة السينمائى كاملا... وضرورة أن يشهد المهرجان تطورا فى فكر وآليات عمله، بعيدا عن اقتصاره على كونه مهرجان لحفلات النجوم، فالسينما من الأدوات المهمة فى الـتأثير، لماذا لا تكون فرصة ليسترد مهرجان القاهرة قوته وبريقه وسط مهرجانات المنطقة التى باتت تنافسه بقوة.
كان محمد صابر عرب يملك فرصة ذهبية ليعود بمهرجان القاهرة إلى دوره التنويرى فى المنطقة؟.. ولا أعرف ما إذا كان سيادة الوزير يعى ذلك حقا؟ ولكن يبدو أنه لا يملك رغبة حقيقية فى تنفيذه، لذلك استسلم لكل الأوضاع القديمة التى كانت قائمة، لأن بالنسبة له هذا أسهل بكثير، ولا أستطيع أن أفسر سكوت الوزير واستكانته ورضوخه إلى كل ما هو قائم، إلا أنه يرغب فى ترك الأوضاع كما هى.. «أو يتعامل بمنطق اللى يجى بعدى يشيل»، وهو منطق غير مقبول من رجل مثقف.
يعرف جيدا أهمية القوى الناعمة وضرورتها فى هذه المرحلة.. كما أنه لا يستطيع أيضا أن يتعامل بنفس الطريقة التى تعامل بها مع الوزارة يقدم استقالته ليحصل على جائزته ثم يعود مرة ثانية ليشغل منصب الوزير، فهو رجل يتولى وزارة مهمة تلعب دورا تنويريا.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
أسامة عسل
عودة ريما لعادتها القديمة
عدد الردود 0
بواسطة:
د/ عصام الغريب محمد
مفيش جديد