وسط حالة الإحباط والجدل العقيم، يخرج الحمار المصرى ليمثل علامة للتفاؤل المزدوج. ويثبت أنه أقل غباء من بعض عباقرة المرحلة الانتقالية. وينقلنا إلى زمن الحمار المصرى.
نقول هذا بمناسبة ما نشر عن رفض طلب إسرائيلى باستيراد 100 ألف حمار من مصر، لاستخدام جلدها فى أبحاث علاج مرض السرطان. وهى ليست المرة الأولى التى يطلب فيها الحمار المصرى بالاسم، فقد سبق وطلبت شركة يابانية مليون حمار مصرى بنصف مليار دولار لإنتاج دواء من جلدها، مصر رفضت العرض الإسرائيلى، وقبله عرض شركة «كوماهو» اليابانية للأدوية حسب تصريح الدكتور محمد عبدالظاهر، أستاذ الطب البيطرى، لشبكة الإعلام العربية». وعرفنا أن الحمار المصرى كنز، وأن جلده يحمل دواء مهما للسرطان، وقد كشفت الأبحاث أن الحمار المصرى الأنسب لهذه الأبحاث، ويتفوق على الحمار الفيتنامى والتايلاندى وحتى الحمار الأمريكى.
أما وقد رفضنا تصدير حميرنا لإسرائيل، منعا للتطبيع، ولليابانيين حماية للحمير. فليس أقل من أن نبحث عن سر الحمار المصرى وتفوقه. ومن الممكن التعاون مع اليابان فى أبحاث مشتركة لإنتاج الدواء. لكن غالباً فإن أمرا كهذا لن يتطرق له عقل أى من كبار البنى آدمين المسؤولين أو غير المسؤولين، ممن يعتبرون أنفسهم أكثر ذكاء وعبقرية من أى كائنات أخرى. ولهذا فهم مشغولون بما يتجاوز الحمير.
مع أن التجارب أثبتت أن الحمار المصرى ليس غبيا، كما يتعامل معه البعض، ويمكنه التعرف على منزله والعودة له وحيداً من دون دليل، بل أحياناً يقود صاحبه.. وهو ما يجعله يتفوق على بعض السياسيين والبرلمانيين والمدعين ومحترفى التوك شو الذين يقودون الآخرين إلى طرق تشتتهم. ثم إن الحمار لم يدع أنه يفهم فى كل شىء، ولا يقدم نفسه لمناصب لا يجيدها، ولا يتحدث فيما لا يعنيه.
وهناك من البشر من هم أكثر غباء من الحمير، على الأقل فإن الحمار لا يدعى أنه يفهم الاستراتيجية ولا يحتكر العمل، ولا يكوش على المواقع، ولا يرشح نفسه فى الانتخابات ولا يسرق علف غيره، ولا يحصل عليه بطريق غير مشروع ولا يتربح، ثم إن الحمير لا تفرق بين بعضها فى المعاملة، لهذا فالحمار، بالرغم من اتهامه بالغباء، فهو لا يتورط فى قتل أو سرقة أو فساد أو شر مثل من يركبونه.
وهو ما يذكرنا بحمار أحد كبار الأغبياء، كان يقول: «متى ينصفنى زمانى فأركب فأنا جاهل بسيط وصاحبى جاهل مركب». ونظرة واحدة على ما يجرى حولنا فى عالم السياسة والسلطة وعلى الشاشات، والبرلمانات واللجان والمجالس، تكشف إلى أى مدى يمكن أن يحتل الجهلاء «المركبون» المشهد، وكيف يورط الجهلاء والأغبياء المجتمع كله، بينما الحمار يمتلك ميزات تنافسية، فضلاً عن كونه ليس مدعيا بما ليس فيه.
هناك اقتراح أن نصدر كبار العباقرة ممن يحتلون المشهد، من كبار الجهلاء فى الفتى والبلاغات والتوكشوهات، ونبقى على الحمير التى تمتلك ميزات، فضلاً عن أنها أقل إزعاجاً.