وسط هذه الأجواء الملوثة بالدم، وسط صرخات الكذب والادعاء التى لا تعرف معنى للمنطق أو العقل وفى محاولة يائسة لاستغلال غضبك الكامن فى صدرك وحيرتك الدائرة فى عقلك سأسعى إلى جرجرتك إلى منطقة أخرى حيث كان لحب النبى عليه الصلاة والسلام معنى آخر غير الذى نعرفه الآن، معنى يرتبط بالعقل والجوهر ولا علاقة له بالحشد والمظهر، استغلها فرصة ياصديقى وعد إلى كتب السيرة النبوية لتعرف من هو محمد بن عبد الله، واستغلها فرصة لتغسل الكثير من هموم نفسك بالمرور على أشعار ابن الفارض ومولانا جلال الدين الرومى والحلاج فى حب النبى عليه أفضل الصلاة والسلام، ومن بين أطلال هذا الحب اخترت لك الحلاج وهو يقول:
هجرت فى حُبِّكم يا سادتى ناسى.. ولامنى فى هـواكم كل جلاسى
من بعد ما أبصرونى عـند بابكم.. عـبدا حبست على سقياكم كاسى
وما دروا أنه لـولا تفضلكم.. لما أذنتم بقرب الباب إجلاسى
وأن غيرى كثير زار حـيكـم.. فحيل عنكم بحجاب وحراس
كم حال دون مسيرى نحوكم حجج.. من الهوى وأكاذيب من الناس
فلم يزل صدقكم يهوى بها كسفا.. حـتى بصرت بعين العجز إفلاسى
ويعلم الله أن الـعـذر منـقطع.. قـد أخرسـته الخطايا كل إخراس
ولسـت أعرضه يا سادتى لكم.. إلا كما يـشتكى المأسو للآسى
وفى موضع آخر يقول:
والله ما طلعت شمسٌ ولا غربت.. إلا وحـبّك مـقـرون بأنفاسى
ولا خلوتُ إلـى قــوم أحــدّثهــم.. إلا وأنت حديثى بين جلاسى
ولا ذكرتك محزوناً ولا فَرِحا.. إلا وأنت بقلبى بين وسواسى
ولا هممت بشرب الماء من عطش.. إلا رَأَيْتُ خيالاً منك فى الكأس
ولو قدرتُ على الإتيان جئتـُكم.. سعياً على الوجه أو مشياً على الرأس
ويا فتى الحىّ إن غنيت لى طربا.. فغّننى وأسفا من قلبك القاسى
ما لى وللناس كم يلحوننى سفها.. دينى لنفسى ودين الناس للنـاس